عبر كلمات قوية ومؤثرة، يسلط الدكتور وائل قنديل الضوء على التحديات التي تواجه الثقافة القرائية في مصر. يتحدث عن غياب القراءة كعادة أساسية في حياة المصريين، مشيراً إلى أن الأمة أصبحت تعيش في حالة من الانفصال عن الكتاب، مما أدى إلى انتشار مشاهد أسطورية تعود لعصور غابرة. فالمجتمع المصري اليوم يعاني من فراغ معرفي وثقافي كبير، حيث يبدو أن بدائل القراءة، سواء كانت إلكترونية أو رقمية، لم تنجح في ملء الفراغ الذي خلفه الابتعاد عن الكتاب الورقي.
ويؤكد قنديل أن الدول المتقدمة، رغم تطورها التكنولوجي، لا تزال تتمسك بالكتاب كرافد أساسي للتعليم والثقافة. فهو يُعد جزءاً لا يتجزأ من حياة الفرد والأسرة، بينما نجد أن القراءة في المجتمعات الغربية أصبحت سمة راسخة وضرورية تُعزز التفكير النقدي والإبداع.
فهل يمكن أن نلوم المواطن المصري على عزوفه عن القراءة؟ يجيب قنديل بالنفي، مشيراً إلى أن هذه العادة تتشكل في البيئة الأسرية والتربوية. فالمدرسة والجامعة والمراكز الثقافية والإعلامية تلعب دوراً أساسياً في تأسيس عادة القراءة وتنميتها. يعود بنا إلى تاريخ مصر الثقافي، حيث كانت القراءة تعكس قوة الدولة الناعمة وإبداع رموزها الثقافية.
يُعتبر مشهد تراجع القراءة في مصر من أكثر الأمور خطورة. فالأمة التي تفتقر إلى القراءة لن تستطيع النهوض، وبالتالي ستواجه تحديات كبيرة في التنمية والتحديث. هنا، يُستدعى محمد علي في القرن التاسع عشر الذي أدرك أهمية القراءة في تطوير المجتمع.
ولعل الحل يكمن في استعادة مشاريع القراءة العامة، مثل مشروع “مكتبة الأسرة”. يطرح قنديل ضرورة تدخل وزارة الثقافة لإحياء هذه المبادرات التي ساهمت في نشر حب القراءة بين المصريين. من خلال توفير كتب بأسعار مناسبة، يمكن للعديد من الأسر أن تُعزز مكتباتها بمعارف متنوعة.
وفي ختام دعوته، يبرز الدكتور وائل قنديل أهمية استعادة مصر لدورها الريادي في إنتاج كتب تُثري الفكر وتُصقل الوعي. إنه دعوة للتغيير من أجل مستقبل أفضل، حيث تصبح القراءة جزءاً لا يتجزأ من حياة كل مصري، وهو ما يُعبر عن أمل كبير في إعادة إحياء الثقافة القرائية في مجتمعنا.