في الساعات الأخيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مثيرة تُظهر تصاعد أعمدة دخان من أراضٍ متصدعة في إثيوبيا، مع تسجيل سلسلة من الزلازل والهزات الأرضية، أبرزها زلزال بقوة 5.8 درجة ضرب العاصمة الإثيوبية أديس أبابا صباح السبت. هذه الأحداث أعادت إلى الأذهان تساؤلات حول تأثير تلك الزلازل على سد النهضة العملاق.
هل سد النهضة مهدد بالانهيار؟
مع تسجيل زيادة ملحوظة في النشاط الزلزالي بنسبة 800% في المنطقة، تصاعدت المخاوف حول احتمالية انهيار سد النهضة، الذي يحتجز خلفه بحيرة ضخمة تبلغ مساحتها 1800 كيلومتر مربع وتخزن 74 مليار متر مكعب من المياه. مثل هذا السيناريو قد يؤدي إلى كوارث غير مسبوقة في المناطق المنخفضة التي ستجتاحها المياه.
رأي الخبير السوداني عثمان التوم
في ظل هذه التساؤلات، صرّح الدكتور عثمان التوم، وزير الري والموارد المائية الأسبق في السودان، بأن المخاوف من انهيار سد النهضة مبالغ فيها ولا تستند إلى معطيات علمية دقيقة.
أوضح التوم أن سد النهضة يقع على بُعد أكثر من 1000 كيلومتر غرب الفالق الإفريقي، الذي يُعتبر مصدر الزلازل في المنطقة. كما أشار إلى أن دراسات أجراها معهد رصد الزلازل بجامعة أديس أبابا أظهرت أن المنطقة المحيطة بالسد تتمتع باستقرار جيولوجي لم يشهد أي نشاط زلزالي ملحوظ منذ أكثر من 50 عامًا.
استقرار جيولوجي وتصميم هندسي قوي
أكد التوم أن تصميم سد النهضة يعتمد على معايير هندسية تأخذ في الحسبان السيناريوهات الزلزالية المختلفة، مما يعزز قدرته على مواجهة الزلازل. وأضاف أن سدودًا كبرى مثل السد العالي في مصر وسد أتاتورك في تركيا صمدت أمام زلازل قوية بفضل تصميمها المتين، مشيرًا إلى أن السدود الضخمة تُصمم لتكون قادرة على تحمل الكوارث الطبيعية.
الفالق الإفريقي ونشاطه الجيولوجي
يُذكر أن الفالق الإفريقي هو أحد أهم الظواهر الجيولوجية في العالم، حيث يمتد من البحر الأحمر شمالاً إلى بحيرات شرق إفريقيا جنوبًا. في إثيوبيا، يظهر هذا النشاط في منطقة الدناكل، التي تتميز بالبراكين والزلازل المتكررة. ومع ذلك، فإن سد النهضة بعيد عن هذا النشاط الجيولوجي، مما يقلل من احتمالية تأثره.
الاستنتاج
في النهاية، يرى الخبراء أن الحديث عن تهديد الزلازل لسد النهضة مبالغ فيه، خاصة في ظل الاستقرار الجيولوجي الذي تتمتع به منطقة السد، إضافة إلى تصميمه الهندسي القوي الذي يأخذ جميع المخاطر المحتملة في الاعتبار.