لا تزال قضية وفاة الشابة المصرية آية عادل تثير جدلًا واسعًا في كل من مصر والأردن، بعدما لقيت مصرعها إثر سقوطها من الطابق السابع في منزلها بالعاصمة الأردنية عمان. وبينما يؤكد زوجها أنها انتحرت بسبب أزمة نفسية، تتصاعد مطالبات من نشطاء حقوقيين وعائلتها بفتح تحقيق شامل، إذ تشير دلائل متعددة إلى تعرضها للعنف قبل سقوطها، مما يعزز الشكوك حول كونها ضحية جريمة قتل وليست حادثة انتحار.
تفاصيل الحادثة.. سقوط غامض وإصابات مريبة
بحسب تقرير الطب الشرعي، فإن آية عادل (28 عامًا) تعرضت لإصابات خطيرة قبل سقوطها، حيث وجدت كسور في الجمجمة، وجرح قطعي في الجبهة، بالإضافة إلى إصابات شديدة في الفخذ الأيسر والساق، مما يشير إلى تعرضها لضرب مبرح بأداة صلبة قبل الحادث.
الزوج، كريم خالد، وهو مصري الجنسية ويعمل مستشارًا في منظمة دولية لمناهضة العنف ضد النساء، نشر عبر فيسبوك منشورًا نعى فيه زوجته قائلًا:
“إنا لله وإنا إليه راجعون.. توفيت إلى رحمة الله زوجتي وأم أولادي إثر حادث مروع. ربنا يرحمها ويغفر لها ويجعل مثواها الجنة.”
لكن سرعان ما تم تقييد حسابه، مما زاد الشكوك حول حقيقة الرواية التي قدمها.
رواية الزوج في مواجهة الأدلة
أمام السلطات الأردنية، أقر الزوج بوجود خلافات زوجية مع آية، لكنه زعم أنها كانت تعاني من أزمة نفسية حادة، وألقت بنفسها من الشرفة بعد مشادة كلامية. في المقابل، كشفت مبادرة “سوبر وومن” المهتمة بحقوق المرأة أن الجيران شهدوا على تعرض آية للعنف مرارًا، ووجود وقائع تعذيب سابقة من قبل زوجها.
تسجيلات ورسائل تكشف تهديدات سابقة
نشرت وسائل إعلام مصرية رسالة مسربة يُقال إنها مرسلة من الزوج إلى آية، حيث هددها بشكل مباشر قائلًا:
“قسماً بالله لو قربتي لأي حاجة في الأوضة لأسفرك مشحونة على نقالة.. يمين بالله لهتشوفي افتراء عمرك ما تخيلتيه في حياتك.”
كما أكدت عائلتها أن آية كانت تحاول الهرب من علاقتها العنيفة بزوجها، حيث سافرت إلى مصر مطلع فبراير، واشترت شقة في الإسكندرية بجوار عائلتها استعدادًا للطلاق، قبل أن تعود إلى عمان لإنهاء الإجراءات القانونية.
فيديوهات مشبوهة وقرار المدعي العام
انتشرت مقاطع فيديو تدعي أنها توثق لحظة سقوط آية، إلا أن مصدرًا أمنيًا أردنيًا صرح بأن التسجيلات تظهر آية وهي تلقي بنفسها، مما دفع المدعي العام إلى تصنيف الواقعة على أنها انتحار، مع اتهام الزوج فقط بالإيذاء البسيط، وهي تهمة أثارت غضبًا واسعًا بين نشطاء حقوق المرأة.
تصاعد الغضب والمطالبات بالعدالة
عقب الحادث، دشن ناشطون حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #حق_آية_عادل، مطالبين بتحقيق جنائي شامل، وإعادة النظر في التهم الموجهة للزوج، مع التأكيد على أن القضية تشير إلى نمط متكرر من العنف الأسري ضد النساء، الذي غالبًا ما ينتهي دون عقوبات صارمة.
مطالبات قانونية وتحقيق موسع
أكد المحامي الأردني جمال القضاة، الذي يتولى قضية آية نيابة عن عائلتها، أن لديهم أدلة موثقة على تعرضها للعنف الجسدي، إضافة إلى شهادات جيرانها وصديقاتها، مشددًا على أن العائلة تطالب بإعادة تصنيف القضية كـ**”جريمة قتل عمد”**.
كما طالبت مبادرة “سوبر وومن” بثلاث خطوات لضمان العدالة:
- توسيع التحقيقات مع الزوج لتشمل تهمة القتل العمد.
- توفير الحماية لأطفال الضحية وعائلتها، بعد تلقيهم تهديدات من الزوج.
- إجراء تحقيق مستقل ومحايد في ظروف الوفاة، يشمل شهادات الجيران وتحليل جميع الأدلة المتاحة.
قصور القوانين في حماية النساء
أعادت هذه الحادثة تسليط الضوء على ضعف التشريعات المتعلقة بحماية النساء من العنف الأسري، حيث اعتبر العديد من الناشطين أن القوانين الحالية غير كافية لردع هذه الجرائم، في ظل غياب آليات وقائية وعقوبات صارمة تضمن حماية الضحايا قبل فوات الأوان.
هل يُعاد فتح التحقيق؟
مع تزايد الضغوط الإعلامية والحقوقية، يبقى السؤال الأهم: هل سيتم إعادة فتح التحقيق في قضية آية عادل؟ أم أن القضية ستُغلق تحت تصنيف “انتحار” رغم الأدلة المتزايدة التي تشير إلى احتمالية تعرضها لجريمة قتل؟ الأيام المقبلة وحدها ستكشف مصير هذه القضية التي هزت الرأي العام.