في ظل الجهود الدولية المكثفة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، ظهرت عقبات جديدة تهدد هذه المساعي التي كان من الممكن أن تضع حدًا للصراع الدامي المستمر منذ أشهر في غزة. فقد تراجعت المفاوضات مرة أخرى بعد تقديم حركة حماس مطلبًا مفاجئًا بشأن الأسرى الفلسطينيين، مما أدخل المفاوضات في حالة جمود.
وفقًا لصحيفة “واشنطن بوست”، كانت جهود إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قد استمرت لأشهر للوصول إلى اتفاق يوقف القتال ويؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن، إلا أن هذا الطلب الجديد من حماس قلب الأمور رأسًا على عقب. يُشير التقرير إلى أن الخطة الأمريكية لتقديم مقترح نهائي للطرفين تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، وهو ما يثير خيبة أمل كبيرة لدى كبار المسؤولين الأمريكيين، الذين كانوا يأملون في حل الصراع قبل انتهاء ولاية بايدن.
عقبات في اللحظة الأخيرة
في حين كان الوسطاء من قطر ومصر يعملون جاهدين لإيجاد تسوية، جاء مطلب حماس الجديد بضرورة تبادل الرهائن المدنيين مع الأسرى القدامى الذين يقضون عقوبات طويلة في السجون الإسرائيلية، وهو ما أطلق عليه مسؤول أمريكي “السم في العسل”. هذا الطلب الجديد يعتبره الجانب الإسرائيلي غير مقبول، مما أعاد المفاوضات خطوات إلى الوراء.
غضب داخلي في إسرائيل
في الداخل الإسرائيلي، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو انتقادات لاذعة بسبب تعثر المفاوضات، خاصة بعد مقتل ستة رهائن إسرائيليين على يد حركة حماس. هذه الأحداث أثارت موجة من الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي، حيث طالب المتظاهرون الحكومة بإيجاد حل يعيد باقي الرهائن البالغ عددهم 101 شخصًا.
من ناحية أخرى، يُشير البعض إلى أن المفاوضات تأثرت بالمواقف السياسية للطرفين. ففي إسرائيل، يرى العديد من السياسيين أن نتانياهو ليس لديه الحافز الكافي لإنهاء الصراع بسبب حساباته السياسية. في المقابل، يشعر المفاوضون الأمريكيون بالقلق من أن حركة حماس كذلك قد لا تجد في الوقت الحالي مصلحة في التوصل إلى اتفاق نهائي.
الجهود الدولية تتواصل
رغم الجمود، يواصل الوسطاء الدوليون، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، العمل على إيجاد مخرج. فقد أعلن مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز، أن هناك اقتراحًا جديدًا سيُطرح قريبًا، إلا أن احتمالات النجاح تبدو ضئيلة في ظل تصاعد التوترات.
جهود إنسانية وسط الصراع
بينما تستمر المفاوضات المتعثرة، تحاول الأمم المتحدة بالتعاون مع السلطات الصحية في غزة تنفيذ حملة تطعيم ضد شلل الأطفال. تُعد هذه الحملة ضرورية للغاية بعد اكتشاف أول حالة إصابة بالمرض منذ 25 عامًا، وقد تم تطعيم أكثر من نصف الأطفال المستهدفين في جنوب ووسط القطاع، مع بدء الحملة في الشمال.
أزمة مستمرة
منذ اندلاع الحرب في أكتوبر الماضي بعد هجوم حماس على إسرائيل، تزايدت أعداد القتلى بشكل كبير. إذ تشير التقارير إلى أن الهجمات الإسرائيلية أدت إلى مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، بالإضافة إلى إصابة عشرات الآلاف، ونزوح حوالي 2.3 مليون نسمة من سكان غزة. ورغم الجهود الدبلوماسية الدولية، يبدو أن الصراع لا يزال بعيدًا عن نهايته، مع استمرار تبادل الاتهامات بين الطرفين حول المسؤولية عن فشل المفاوضات.