مع تصاعد النزاعات التجارية بين كبرى القوى الاقتصادية في العالم، مثل الولايات المتحدة والصين، تبرز فرص كبيرة أمام الدول التي تسعى لجذب الاستثمارات العالمية بعيدًا عن بؤر التوتر. وفي هذا السياق، يرى خبراء اقتصاديون أن مصر تمتلك مقومات قوية تجعلها مستفيدًا رئيسيًا من هذه التحولات، خاصة في ظل التحركات الحكومية الأخيرة لتسهيل بيئة الأعمال وجذب المستثمرين.
مصر وجهة استثمارية واعدة
أكد النائب محمد مصطفى السلاب، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن مصر في وضع مثالي للاستفادة من هذه النزاعات، مشيرًا إلى أن عام 2025 قد يشهد طفرة كبيرة في الاستثمارات الصناعية، نتيجة للإصلاحات التي بدأ تنفيذها منذ النصف الثاني من 2024.
وأوضح السلاب أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس باتت واحدة من الوجهات الأكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية، لا سيما من الصين وتركيا، حيث تتجه الشركات العالمية لنقل خطوط إنتاجها إلى دول توفر مزايا تنافسية مثل الموقع الاستراتيجي، والتكلفة المنخفضة للإنتاج، إلى جانب اتفاقيات التجارة الحرة التي تسهل عمليات التصدير للأسواق الدولية.
إصلاحات تشريعية لتعزيز الاستثمار
وأشار السلاب إلى أن الإجراءات الحكومية الأخيرة ساهمت في تحسين بيئة الأعمال في مصر بشكل ملحوظ، حيث تضمنت:
- تخصيص الأراضي الصناعية بشكل أكثر تنظيمًا، مما سهل على المستثمرين الحصول على مواقع لإنشاء مشروعاتهم.
- تسهيل إجراءات التراخيص والتفتيش على المصانع، مما قلل من العقبات البيروقراطية التي كانت تواجه الشركات.
- تحسين استقرار العملة المحلية، مما زاد من ثقة المستثمرين الأجانب.
- تطوير البنية التحتية والمرافق اللوجستية لدعم توسع القطاع الصناعي والتجاري.
فرص مصر وسط النزاعات التجارية العالمية
مع تصاعد الخلافات بين الولايات المتحدة والصين، واحتمالات انضمام الاتحاد الأوروبي لهذه النزاعات مستقبلاً، تبحث الشركات العالمية عن أسواق بديلة لتجنب الرسوم الجمركية المرتفعة والتعقيدات التجارية التي قد تؤثر على تكلفة الإنتاج وسلاسل التوريد.
وفي هذا الإطار، تتمتع مصر بعدة مزايا تجعلها وجهة مفضلة للمستثمرين، أبرزها:
- موقعها الاستراتيجي الذي يجعلها نقطة انطلاق مثالية للأسواق الأوروبية والإفريقية.
- شبكة اتفاقيات التجارة الحرة التي تمنح الشركات ميزة تنافسية عند التصدير.
- انخفاض تكلفة الإنتاج مقارنة بالأسواق الغربية والآسيوية.
الاستثمارات الصينية في مصر
وأشار السلاب إلى أن الصين، التي تواجه تحديات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية، تتوسع حاليًا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، حيث تمتلك بالفعل منطقة صناعية ضخمة اجتذبت العديد من الشركات الصينية خلال السنوات الأخيرة.
وأضاف أن هذا التوجه يعكس رغبة الصين في تحويل مصر إلى مركز صناعي إقليمي يخدم الأسواق الإفريقية والأوروبية، مما يوفر فرصًا اقتصادية كبيرة لمصر في السنوات المقبلة.
دور الحكومة والقطاع الخاص
أكد السلاب أن تعظيم الاستفادة من هذه الفرص يتطلب تنسيقًا وثيقًا بين الحكومة والقطاع الخاص، عبر:
- تقديم تسهيلات إضافية للمستثمرين، مثل سرعة إجراءات تسجيل الشركات وتخصيص الأراضي بأسعار تنافسية.
- تحسين البنية التحتية، خاصة في المناطق الصناعية الجديدة، لجذب مزيد من رؤوس الأموال.
- تسهيل إجراءات التصدير، مما يعزز قدرة المصانع المصرية على المنافسة عالميًا.
مستقبل الاستثمار في مصر
مع استمرار التوترات التجارية بين القوى الكبرى، تبدو مصر في موقع استراتيجي يتيح لها استقطاب المزيد من الاستثمارات العالمية، خاصة مع استمرار الجهود الحكومية في تحسين بيئة الأعمال وتقديم مزيد من الحوافز للمستثمرين.
ويبدو أن العام 2025 قد يكون نقطة تحول في المشهد الاقتصادي المصري، حيث يمكن لمصر أن تصبح مركزًا صناعيًا ولوجستيًا عالميًا، مستفيدة من التحولات الجيوسياسية والاقتصادية الراهنة.