في خطوة مفاجئة، هدد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب بوقف المساعدات المالية السنوية التي تقدمها واشنطن لكل من مصر والأردن إذا رفضت هذه الدول استقبال اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة، في حال تم تنفيذ خطة تهجير سكان القطاع. تصريحات ترمب، التي جاءت خلال مقابلة صحفية في البيت الأبيض، أثارت ردود فعل متباينة، حيث اعتبر البعض أن هذا التهديد يعكس محاولات جديدة للضغط على الدول العربية، بينما يرى آخرون أن الموقف المصري ثابت ولن يتغير تحت وطأة هذه التهديدات.
في معرض تعليقه على الموضوع، أشار ترامب إلى أنه من الممكن قطع المساعدات المالية إذا لم توافق مصر والأردن على استقبال الفلسطينيين، وقال خلال المقابلة: “نعم، ربما أمر سهل، إذا لم يوافقا، يمكنني ألا أقدم المساعدة”. وأضاف أن الدول العربية، بما في ذلك الأردن، لن ترفض قبول الفلسطينيين، مؤكداً أن الملك عبد الله الثاني سيكون من بين القادة الذين سيرحبون بهم.
الموقف المصري الثابت
على الرغم من التهديدات الأمريكية، بدا الموقف المصري ثابتًا وصارمًا كما كان في الماضي. في تصريحات خاصة، قال اللواء أركان حرب هيثم حسين، المستشار بكلية القادة والأركان، أن هذه التصريحات تأتي في إطار ضغوط متواصلة تمارسها واشنطن على مصر والأردن منذ سنوات. حسين أضاف في تصريحاته لـ “العربية.نت” و”الحدث.نت” أن ترامب يهدف من خلال تصريحاته إلى الضغط على مصر لتغيير موقفها بشأن تهجير الفلسطينيين، وهو ما يرفضه المسؤولون في القاهرة بشكل قاطع.
وأكد حسين أن هذه المحاولات لم تجد نفعًا في الماضي، حيث أن الرد المصري على مثل هذه الضغوط كان دائمًا قويًا. كما أشار إلى أن هناك مصالح استراتيجية بين المؤسسة العسكرية الأمريكية والقاهرة، وهو ما يجعل من الصعب على واشنطن أن تقطع المساعدات أو تتخذ إجراءات تضر بالعلاقات الثنائية بين البلدين.
الورقة الاقتصادية في المعركة
من ناحية أخرى، يرى حسين أن ترامب قد يلجأ في الفترة المقبلة إلى الورقة الاقتصادية في محاولة للضغط على مصر، خاصة من خلال تقليص التمويل المقدم من المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي. وأوضح أن الولايات المتحدة قد تحاول التأثير على التصنيفات الائتمانية لمصر لتقليص حجم الاستثمارات الأجنبية في السوق المصري، ولكن الخبراء يعتقدون أن صلابة الاقتصاد المصري والشعب المصري ستكون العوامل الحاسمة في مواجهة مثل هذه الضغوطات.
وعن موقف الولايات المتحدة في ما يخص النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، أضاف الخبير العسكري أن ترامب قد يواصل محاولاته لتوسيع الفجوة بين القاهرة وواشنطن عبر اختلاق مبررات لتقليص الدعم الأمريكي لمصر، وهو ما يهدف إلى الضغط على مصر للموافقة على سياسات قد تتعارض مع مصالحها القومية.
الرد المصري على التهديدات
وفي رد فعل رسمي من الحكومة المصرية، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقاءه مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في واشنطن، أن مصر ترفض بشدة سياسة تهجير الفلسطينيين من غزة. وأوضح عبد العاطي أن هذا الموقف لا يقتصر على مصر فقط، بل هو موقف الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي الذي يرفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.
عبد العاطي أضاف أن مصر ستواصل دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ضمن حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. كما شدد على ضرورة إعادة إعمار قطاع غزة في أقرب وقت ممكن، مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني يجب أن يبقى في قطاعه وأن يعيش بأمان على أرضه.
خلاصة
بينما تلوح في الأفق تهديدات ترامب بوقف المساعدات، تواصل مصر التأكيد على موقفها الثابت في دعم حقوق الشعب الفلسطيني والرفض القاطع لأي محاولات لتهجير سكان قطاع غزة. هذه التصريحات تعكس تعقيدات الملف الفلسطيني في العلاقات الدولية، وتظهر أن مصر لن تتخلى عن مواقفها القومية تحت أي ضغط سياسي أو اقتصادي، مما يجعل الرد المصري على التهديدات الأمريكية موضوعًا بالغ الأهمية في الفترة القادمة.