تشهد مصر حالياً تحولاً كبيراً في قطاع الطاقة، مع جهود مستمرة لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي والنفط، مما يرسخ مكانتها كمركز إقليمي للطاقة. تسعى الحكومة جاهدة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز الإيرادات من خلال تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى الأسواق الأوروبية، التي تعمل على تقليل اعتمادها على الطاقة الروسية.
سداد المستحقات وتعزيز الثقة
في إطار هذا التوجه، قامت مصر بسداد مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في قطاع الطاقة، حيث أحرزت الحكومة تقدماً ملحوظاً في تقليص ديونها، مع سداد حوالي 1.2 مليار دولار من المستحقات المتراكمة. هذه الخطوة تعزز الثقة بين المستثمرين وتساهم في جذب المزيد من الاستثمارات في مجالات الغاز والنفط، مما يسهل عمليات التنقيب والإنتاج.
تطوير حقل “ظهر”
يُعتبر حقل “ظهر” للغاز الطبيعي في البحر المتوسط من أبرز المشاريع في قطاع الطاقة المصري، بعد اكتشافه عام 2015. منذ بدء الإنتاج في 2017، ساهم الحقل بشكل كبير في تحقيق الاكتفاء الذاتي المؤقت لمصر من الغاز في 2018. إلا أن الحقل واجه بعض التحديات التي أدت إلى تقليص الإنتاج من 2.7 مليار قدم مكعبة يومياً إلى حوالي 2.3 مليار قدم مكعبة حالياً.
لتحسين الإنتاج، أعلنت وزارة البترول عن استثمارات تقدر بحوالي 535 مليون دولار لتعزيز كفاءة الحقل، تشمل تحديث البنية التحتية وإدخال تقنيات حديثة. تهدف هذه الجهود أيضاً إلى تقليل الآثار البيئية وخفض انبعاثات غازات الشعلة.
استكشاف حقل “شمال صفا”
في إطار جهود الحكومة لتوسيع قاعدة الاكتشافات، أعلنت وزارة البترول عن خطط لحفر آبار جديدة في حقل “شمال صفا” البترولي شمال البحر الأحمر. هذا المشروع يستهدف زيادة الإنتاج المحلي من النفط لتلبية الطلب الداخلي وتقليل الاعتماد على الواردات.
التوسع في الاستكشافات البحرية
تعمل شركة “إيني” الإيطالية على توسيع نطاق عملياتها الاستكشافية لتشمل مناطق جديدة، بما في ذلك حفر آبار بحرية في البحر الأحمر. يأتي هذا التوسع ضمن استراتيجية الحكومة المصرية للاستفادة من الموقع الاستراتيجي للبلاد وتعزيز شراكاتها مع الشركات العالمية.
الربط مع حقل “كرونوس”
في خطوة لتعزيز التعاون الإقليمي، تدرس مصر وقبرص إمكانية ربط حقل “كرونوس” القبرصي بالبنية التحتية المصرية الخاصة بإسالة الغاز. هذا الربط سيمكن قبرص من تصدير غازها إلى أوروبا عبر محطات الإسالة في مصر، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة.
التأثير الاقتصادي والاجتماعي
لا تقتصر آثار تطوير حقول الطاقة على الجانب الاقتصادي فقط، بل تشمل أيضًا الأبعاد الاجتماعية والتنمية المجتمعية. الحكومة المصرية تهدف إلى تحسين البنية التحتية في المناطق المحيطة بمواقع الحقول، بالإضافة إلى توفير فرص العمل وتعزيز المشروعات التعليمية والصحية.
آفاق مستقبلية واعدة
في ضوء التطلعات المستقبلية، تعتزم الحكومة وشركات الطاقة العالمية تعزيز عمليات الاستكشاف والتنقيب في مناطق جديدة. من المتوقع أن تستمر هذه الجهود، مما يسهم في زيادة المخزون الاحتياطي من الغاز والنفط. كما تواصل مصر تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع الدول الأوروبية لضمان استدامة إمدادات الغاز في المستقبل.
تعتبر عمليات تطوير حقول الغاز والنفط في مصر إضافة نوعية لمستقبل قطاع الطاقة، مع رؤية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتوسيع الصادرات، مما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز دور مصر كمركز إقليمي للطاقة.