في إطار التزام الدولة المصرية بتحديث القوانين لتتماشى مع الدستور الجديد لعام 2014، تقدم مجلس النواب بمشروع قانون يهدف إلى إعادة هيكلة قانون الإجراءات الجنائية، بهدف تعزيز حقوق الإنسان وضمان الحريات العامة. جاءت هذه الخطوة نتيجة للالتزامات الدستورية التي تقتضي مراجعة القوانين العامة، خاصة المتعلقة بالإجراءات الجنائية، لتحقيق التوافق مع النصوص الدستورية الحديثة، حيث يشكل قانون الإجراءات الجنائية حجر الزاوية في حماية الحقوق الأساسية.
مشروع القانون الجديد يتضمن مجموعة من البنود التي تهدف إلى تحقيق العدالة وضمان المحاكمة العادلة. فقد نص على عدة إجراءات مهمة، من بينها ضمان حق المتهم في الدفاع وتوفير محامٍ، إضافة إلى عدم جواز احتجاز أي شخص دون توجيه اتهام رسمي، وأن يُبلغ المتهم بالتهم المنسوبة إليه فوراً، وأن يُسمع إلى أقواله ويُسمح له بالتواصل مع عائلته ومحاميه.
من أبرز الجوانب التي يعالجها مشروع القانون هو تحقيق التوازن بين حرية التعبير عن الرأي وحقوق المواطنين في الحماية من الجرائم. إذ نص على حماية الحق في التعبير بحدود لا تتعارض مع قانون العقوبات، لضمان سلامة الأفراد وحمايتهم من أي تهديد يمس حقوقهم الشخصية وكرامتهم.
كما شمل مشروع القانون توصيات “الحوار الوطني” والتي جاءت استجابة لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقد تضمنت هذه التوصيات تقليل الحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطي وتفعيل التدابير البديلة للتخفيف من تأثير الحبس الاحتياطي. ويعتبر ذلك توجهاً نحو اعتماد معايير أكثر إنسانية وعدالة، بما في ذلك تعويض المتهمين الذين تعرضوا للحبس الاحتياطي دون إدانة.
ومن أجل مواكبة التطورات العالمية، تضمن مشروع القانون الجديد تنظيم إجراءات المحاكمة عن بُعد مع الحفاظ على نفس الضمانات التي توفرها المحاكمة التقليدية. ويهدف هذا الإجراء إلى تسريع عملية التقاضي وتسهيل الإجراءات القضائية، بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
أما بالنسبة للطعن على الأحكام الغيابية، فقد نظم مشروع القانون إجراءات المعارضة بما يضمن التوازن بين حق التقاضي وسرعة الفصل في القضايا، لتحقيق العدالة الناجزة.
هذا المشروع يعد خطوة بارزة نحو تعزيز موقف مصر على الساحة الدولية، حيث أشار تقرير صادر مؤخراً عن إحدى المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان في شهر أكتوبر الماضي إلى إشادة بتوجه مصر نحو تحديث قوانينها، واصفًا هذا المشروع بأنه “خطوة إيجابية على الطريق الصحيح”. يأتي ذلك ضمن تنفيذ “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”، حيث يسهم القانون الجديد في تحقيق الأهداف المرجوة في المحور الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
أخيراً، تقدم أحد النواب بالشكر والتقدير لرئيس المجلس على دوره البارز في توجيه النقاشات حول مشروع القانون، حيث اعتُبر ركيزة أساسية في الحفاظ على الضمانات التشريعية، بصفته رئيساً سابقاً للمحكمة الدستورية العليا التي تشرف على دستورية القوانين.