يشهد الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي مرحلة حرجة حيث يُعد محور فيلادلفيا، الشريط الحدودي الذي يبلغ طوله 14 كيلومترًا ويمتد على الحدود بين غزة ومصر، أحد أهم القضايا المثيرة للجدل في المحادثات الأخيرة بشأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس. هذا الممر، الذي تسيطر عليه القوات الإسرائيلية حاليًا، أصبح محورًا رئيسيًا للنزاع بين الأطراف المتفاوضة.
في المرحلة الأولى من المفاوضات، طالبت إسرائيل بالاحتفاظ بسيطرتها على المحور، معتبرة أن وجود قواتها في هذه المنطقة حيوي لمنع حماس من استئناف تهريب الأسلحة عبر الأنفاق الممتدة تحت الممر. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان متشددًا في موقفه، مؤكدًا أن السيطرة على محور فيلادلفيا أمر ضروري لضمان عدم استعادة حماس لقدرتها العسكرية.
إلا أن هذا الموقف أثار جدلاً داخليًا، خاصةً بين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت. في اجتماع لمجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي يوم الخميس الماضي، انقسمت الآراء بين المتمسكين بموقف نتنياهو والمنتقدين له. غالانت، الذي كان الوحيد المعارض في تصويت الحكومة، أعرب عن رفضه لهذا الطرح، مشيرًا إلى أن حماس لن توافق على أي اتفاق يتضمن استمرار السيطرة الإسرائيلية على المحور، مما سيؤدي إلى فشل المحادثات وعدم إطلاق سراح أي رهائن. ووصف غالانت القرار بأنه “وصمة عار أخلاقية”، مُحذرًا من أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى فشل الجهود الدبلوماسية.
من ناحية أخرى، كانت الولايات المتحدة وقطر ومصر قد لعبت دورًا بارزًا في محاولة تقريب وجهات النظر بين الطرفين، حيث بذلت هذه الدول شهورًا من الجهود الدبلوماسية للوصول إلى صيغة توافقية. الرئيس الأمريكي جو بايدن تدخل شخصيًا للضغط على نتنياهو لتخفيف موقفه بشأن السيطرة على محور فيلادلفيا، سعيًا منه لإنجاح الصفقة التي قد تؤدي إلى الإفراج عن رهائن محتجزين لدى حماس.
على الرغم من هذه الجهود، أصدر نتنياهو يوم الخميس الماضي خرائط توضح تفاصيل خطته بشأن المحور، مؤكداً على ضرورة بقاء القوات الإسرائيلية في المنطقة خلال المرحلة الأولى من الصفقة. وحظيت هذه الخرائط بموافقة الحكومة بأغلبية كبيرة، رغم معارضة غالانت. وفي يوم الأحد، صعد غالانت من انتقاده للقرار، مؤكداً أن التمسك بالسيطرة على المحور قد يؤدي إلى تقويض الاتفاقات المقبلة وعدم تحقيق الأهداف المرجوة.
في الوقت الذي تستمر فيه المحادثات، يبقى محور فيلادلفيا نقطة خلاف رئيسية، وقد يحدد مستقبل هذا الممر الحدودي ملامح المرحلة القادمة من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.