مع إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، تبرز التساؤلات حول تأثير سياساته المستقبلية على منطقة آسيا الوسطى، التي تشهد منافسة جيوسياسية بين الصين، روسيا، وإيران، بالإضافة إلى دور تركيا المتزايد في المنطقة.
ترامب وآسيا الوسطى.. بين التجاهل والتغيير
خلال ولايته الأولى (2017-2021)، لم يضع ترامب استراتيجية واضحة تجاه آسيا الوسطى إلا في عام 2020، قبل عام من مغادرته البيت الأبيض. ركزت هذه الاستراتيجية المحدودة على تعزيز التكامل الإقليمي، حقوق الإنسان، والإصلاحات الاقتصادية. ومع ذلك، لم تكن المدة كافية لتحقيق نتائج ملموسة، وتركزت الأولويات الأمريكية على مناطق أكثر أهمية استراتيجيًا.
ورغم الأهمية الجيوسياسية للمنطقة، لا تزال آسيا الوسطى واحدة من أقل المناطق نفوذًا بالنسبة للولايات المتحدة، حيث لم يزرها أي رئيس أمريكي من قبل، ما يعكس محدودية الاهتمام الأمريكي بها.
معركة النفوذ في آسيا الوسطى
تُعد آسيا الوسطى منطقة تنافس شديد بين القوى الكبرى. يوضح خبراء، مثل الدانيز حسينوف من كازاخستان، أن السياسة الأمريكية في المنطقة عادة ما تتأثر بعوامل خارجية مثل الحرب في أوكرانيا، أو تقليل الاعتماد على موارد الصين. ومع ذلك، قد تشهد الولاية الثانية لترامب تحركات جديدة في ثلاثة محاور:
- التنافس مع الصين:
آسيا الوسطى تُعتبر “الحديقة الخلفية” لمشروع الصين “الحزام والطريق”، وهي ممر رئيسي لإمدادات الطاقة الصينية. لذا، يُتوقع أن تكون المنافسة مع الصين هي الأولوية الأولى للولايات المتحدة. - النفوذ الروسي:
المنطقة كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتي السابق، وما زالت روسيا تعتبرها منطقة نفوذ تقليدي. ومع العقوبات المفروضة على موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية، قد تسعى واشنطن إلى استخدام آسيا الوسطى كورقة ضغط على الكرملين. - إيران وتركيا:
إيران تحاول فتح ممرات اقتصادية إلى المياه الدولية عبر دول آسيا الوسطى، بينما تعمل تركيا على تعزيز نفوذها الثقافي والاقتصادي في المنطقة كامتداد طبيعي للشعوب التركية.
الصين وروسيا في مواجهة النفوذ الأمريكي
تعمل بكين على تعزيز وجودها في آسيا الوسطى من خلال الاستثمارات الضخمة في مشاريع البنية التحتية والطاقة، بالإضافة إلى التعاون الأمني للحفاظ على الاستقرار في إقليم “تركستان الشرقية”. أما موسكو، فتحافظ على علاقات تاريخية وثيقة مع دول المنطقة وتعتبرها جزءًا من مجالها الاستراتيجي.
خلاصة
من المتوقع أن تصبح آسيا الوسطى ساحة مواجهة شرسة بين الولايات المتحدة من جهة، والصين وروسيا وإيران وتركيا من جهة أخرى، في ظل التغيرات التي قد تطرأ مع عودة ترامب للبيت الأبيض. هذه المنافسة لن تكون سهلة في منطقة تعج بالتعقيدات الجغرافية والسياسية، لكنها قد تعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي العالمي.