شنت فرنسا ضربات جوية مركّزة ضد مواقع تابعة لتنظيم داعش في سوريا، وذلك لأول مرة منذ عامين، في إطار مشاركتها ضمن التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب. تأتي هذه الخطوة في ظل الأوضاع المتوترة عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد، ما أثار مخاوف من إعادة تموضع التنظيم الإرهابي في المنطقة.
تفاصيل العملية العسكرية
أعلن وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو، الثلاثاء، أن القوات الجوية الفرنسية نفّذت هجومًا دقيقًا استهدف موقعين لداعش يوم الأحد الماضي باستخدام مقاتلات رافال وطائرات مسيّرة ريبر، أسقطت خلالها 7 قذائف دقيقة التوجيه. وأكد لوكورنو، خلال زيارته للبنان مع وزير الخارجية الفرنسي، أن “فرنسا ملتزمة بمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط”.
عودة التحركات العسكرية الفرنسية
تُعد هذه العملية الأولى من نوعها منذ سبتمبر 2022، حيث كانت فرنسا قد توقفت عن تنفيذ هجمات مباشرة ضد داعش. ومع تصاعد التهديدات في سوريا بعد سقوط النظام السوري في ديسمبر الماضي، عادت باريس لتعزيز مشاركتها في التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
السياق السياسي والعسكري
شهدت سوريا تطورات متسارعة عقب الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024 على يد ائتلاف فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام. هذا التغيير المفاجئ أثار مخاوف دولية من استغلال التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها داعش، حالة الفراغ الأمني والسياسي لإعادة تنظيم صفوفها وشن هجمات جديدة.
وأعلنت واشنطن في وقت سابق تنفيذها ضربات مكثفة استهدفت أكثر من 75 موقعًا لداعش في سوريا، بالتزامن مع إرسال تعزيزات عسكرية إضافية بلغ قوامها 1000 جندي أمريكي، ليرتفع إجمالي القوات الأميركية في البلاد إلى حوالي 2000 جندي.
التزام التحالف الدولي بمواجهة داعش
تشارك فرنسا في التحالف الدولي منذ 2014 في العراق و2015 في سوريا، وقد أرسلت حوالي 600 جندي إلى المنطقة ضمن عملية “العزم الصلب”. كما عززت من وجودها العسكري عبر حاملة الطائرات شارل ديغول، لتأمين الدعم الجوي واللوجستي في العمليات ضد داعش.
الأوضاع الإقليمية وتأثير الانسحاب السوري
أكدت القيادة العسكرية المركزية الأميركية (سنتكوم) أن انسحاب القوات السورية عقب الإطاحة بالأسد ترك فراغًا أمنيًا قد يستغله داعش لتعزيز وجوده في المناطق الصحراوية بوسط سوريا. كما أن الدفاعات الجوية السورية والروسية التي كانت تُقيّد العمليات الغربية سابقًا، لم تعد فعّالة، مما أتاح للتحالف تنفيذ ضربات أكثر جرأة.
التوقعات المستقبلية
يتوقع الخبراء أن تؤدي هذه التحركات العسكرية المتزايدة إلى تصعيد جديد في المنطقة، حيث قد تسعى التنظيمات المتطرفة إلى استغلال الفوضى السياسية لإعادة تشكيل نفسها وشن هجمات جديدة، ليس فقط داخل سوريا، بل أيضًا في الدول المجاورة مثل العراق ولبنان.
خلاصة
تشير الضربات الفرنسية إلى تصاعد الجهود الدولية لمنع عودة داعش بعد التطورات الأخيرة في سوريا. ومع إعلان واشنطن تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، يبدو أن الشرق الأوسط مقبل على مرحلة جديدة من الاضطرابات الأمنية والمواجهات المسلحة، ما يضع مستقبل الاستقرار الإقليمي على المحك.