في حادث جديد يضاف إلى سلسلة من الكوارث التي شهدتها سكك الحديد في مصر، احتجز عامل التحويلة علي حسين (55 عاماً) لأربعة أيام في زنزانة بعد أن وجهت له النيابة العامة تهمة التسبب في تصادم قطارين بمدينة الزقازيق. الاتهام جاء على خلفية إصابته بـ”سهو” أثناء تنفيذ مهمة تحويل مسار قطار قادم من الزقازيق إلى الإسماعيلية، مما أدى إلى اصطدامه بقطار متوقف قادم من المنصورة.
علي حسين، الذي يعمل في نفس الموقع منذ 28 عاماً، يشتهر بسمعته الجيدة في العمل، إذ لم يسجل عليه أي ملاحظات سلبية طوال فترة خدمته. ومع ذلك، أُتهم بالإهمال في وقت كان يعاني فيه من غيبوبة سكري بسبب نقص عقار الأنسولين، مما أثار تساؤلات حول ظروف العمل الصعبة التي يعيشها.
معاناة العمال
يعمل عمال التحويلة مثل حسن، الذي تحدث عن يومياته في محطة بالصعيد، في ظروف صعبة جداً. حيث يبدأ يومه في السادسة صباحاً، ويعاني من تكاليف المواصلات المرتفعة التي تصل إلى 52 جنيهاً يومياً، مما يشكل عبئاً على راتبه الذي يتراوح حول 1500 جنيه شهرياً. هذه التكاليف تجبرهم على العمل لساعات طويلة دون التركيز الكافي، مما قد يؤدي إلى وقوع حوادث قاتلة.
حسن يصف نفسه بـ”حارس الأرواح”، ويقول إنه لا يستطيع تحمل مسؤولية حوادث القطارات وحده، بينما تتزايد الضغوط عليه من جميع الجهات. ويشير إلى أن نظام العمل الحالي لا يشمل تحسينات ملحوظة لظروف عملهم، رغم التطورات التكنولوجية التي أُدخلت لتحسين الأداء.
الإهمال المؤسسي
تكرار حوادث القطارات في مصر يُظهر عدم وجود محاسبة حقيقية للمسؤولين عن هذه الأزمات. بين عامي 2019 و2023، سجلت وزارة النقل أكثر من 4545 حادثاً، مما أدى إلى وفاة 1689 شخصاً وإصابة 2788 آخرين. على الرغم من الإنفاق الضخم لتطوير السكك الحديدية، لم يتم تحسين أوضاع العمال، مما يثير تساؤلات حول جدوى هذه الاستثمارات.
حوادث سابقة، مثل حادث محطة رمسيس، أدت إلى إقالة وزراء، لكن الوزير الحالي كامل الوزير لم يُحاسب رغم الزيادة الكبيرة في عدد الحوادث خلال فترة توليه المنصب. ما زال العمال يتحملون عبء الإهمال الحكومي، ويُعتبرون كبش فداء لأخطاء لا يتحملون مسؤوليتها.
السينما والحياة اليومية
السينما المصرية تناولت واقع حياة عمال التحويلة في عدة أفلام، مثل “المنسي” و”عامل التحويلة”، والتي أظهرت كيف يتم تحميلهم مسؤولية حوادث تُعزى في الأصل إلى الفساد والإهمال المؤسسي. هذه الأعمال تسلط الضوء على حياة هؤلاء العمال، الذين يُعاملون كأدوات في منظومة فاشلة، حيث تصبح أرواح المواطنين رهينة لإهمال السلطة.
الخلاصة
تتواصل مأساة عمال التحويلة في مصر، حيث يبقى العديد منهم عالقين بين صراع الحياة اليومية وتبعات عملهم الخطير. بانتظار تحقيقات جادة وشفافة، تبقى أرواح الكثيرين مهددة في ظل غياب الإصلاحات الجذرية اللازمة في نظام السكك الحديدية.