أظهرت دراسة حديثة أن النشاط البدني المنتظم والنوم الجيد يمكن أن يكونا مفتاحين لتعزيز وظائف الدماغ وتأخير التدهور المعرفي المرتبط بالتقدم في العمر. وكشفت الدراسة، التي نشرت في الدورية الدولية Behavioral Nutrition and Physical Activity، أن ممارسة التمارين الرياضية ترفع من الأداء العقلي لمدة تصل إلى 24 ساعة، بينما يلعب النوم العميق دورًا محوريًا في دعم الذاكرة وتحسين سرعة معالجة المعلومات.
التدهور المعرفي ومخاطره
يعد التراجع العقلي وفقدان التركيز وضعف الذاكرة جزءًا طبيعيًا من الشيخوخة، لكنه قد يؤثر على جودة حياة الأفراد واستقلالهم. وأكد الباحثون من جامعات كوليدج لندن وأكسفورد وكاليفورنيا أن النشاط البدني المستمر يعدّ وسيلة فعالة للحد من هذه المخاطر.
تفاصيل الدراسة والتجارب العملية
شارك في الدراسة 76 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 50 و83 عامًا، بمتوسط عمر 64 عامًا، تم تزويدهم بأجهزة استشعار لقياس مستويات النشاط البدني والنوم على مدار ثمانية أيام.
تم تقسيم الأنشطة إلى ثلاث فئات:
- نشاط بدني متوسط إلى قوي – مثل المشي السريع وصعود السلالم.
- نشاط بدني خفيف – كالمشي العادي.
- السلوك الخامل – مثل الجلوس لفترات طويلة.
نتائج مبهرة
- أظهر الأشخاص الذين مارسوا تمارين متوسطة إلى قوية تحسنًا ملحوظًا في الذاكرة العرضية والوظائف التنفيذية، والتي تشمل القدرة على التخطيط واتخاذ القرارات.
- على النقيض، ارتبطت فترات الخمول الطويلة بتدهور وظائف الذاكرة قصيرة المدى.
- لم تتأثر النتائج سلبًا بجودة النوم في الليلة السابقة، ما يعني أن فوائد التمارين الرياضية يمكن أن تستمر لمدة يوم كامل.
النوم العميق.. عامل إضافي لتعزيز الأداء العقلي
لم تقتصر الدراسة على التمارين، بل رصدت تأثير جودة النوم ومدته. وأشارت النتائج إلى أن النوم العميق وخاصة في مرحلة REM، المعروفة بمرحلة الأحلام، ساهم في تحسين سرعة المعالجة الذهنية والانتباه.
- النوم الطويل والعميق كان مرتبطًا بذاكرة أقوى واستجابة أسرع للمعلومات.
- ارتبطت فترات نوم REM بتحسين الانتباه والقدرة على التركيز، بينما ساعد النوم العميق في تعزيز استرجاع المعلومات.
توصيات الخبراء
أكد الباحثون أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، حتى لو كانت خفيفة، مثل المشي أو الرقص، يمكن أن تعزز وظائف المخ وتحمي من الخرف المبكر. وشددوا أيضًا على أهمية النوم الكافي والعميق لضمان استمرارية هذه الفوائد.
وقالت الدكتورة ميكايلا بلومبرغ، الباحثة الرئيسية في الدراسة:
“ممارسة الرياضة ليست بحاجة لأن تكون مكثفة أو منظمة، فالحركة البسيطة يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا. كما أن النوم الجيد يعزز التأثير الإيجابي للتمارين، ما يخلق نظام دعم مزدوج لصحة الدماغ.”
نتائج تحتاج للمزيد من البحث
رغم النتائج الإيجابية، أكد الباحثون أن هناك حاجة لدراسات مستقبلية لمعرفة ما إذا كانت هذه التأثيرات قصيرة الأجل قد تؤدي إلى حماية طويلة الأمد من الأمراض العصبية مثل الخرف والزهايمر.
الخلاصة
تبرز الدراسة أهمية تبني أسلوب حياة نشط ونوم صحي لتعزيز القدرات العقلية، خاصة مع التقدم في العمر. فبينما تُظهر التمارين والنوم تأثيرات فورية على الأداء الذهني، تبقى الفوائد طويلة الأمد قيد البحث والدراسة.