في ذكرى رحيل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، يعود الحديث مجددًا عن دوره في الضربة الجوية الأولى خلال حرب أكتوبر 1973، التي كانت حجر الأساس في تحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر. فقد لعبت هذه الضربة دورًا حاسمًا في تحقيق النصر المصري، وأسهمت في صعود مبارك سياسيًا حتى تولى منصب نائب رئيس الجمهورية، ثم أصبح رئيسًا لمصر بعد اغتيال السادات عام 1981.
أهمية الضربة الجوية في حرب أكتوبر
لم تكن الضربة الجوية الأولى مجرد خطوة تكتيكية، بل كانت عملية استراتيجية غيّرت مسار الحرب. حيث قاد اللواء طيار حسني مبارك، قائد سلاح الجو آنذاك، تشكيلًا من أكثر من 200 طائرة مقاتلة، نفذت هجومًا مباغتًا على مواقع العدو الإسرائيلي في سيناء.
- طارت الطائرات المصرية على ارتفاع منخفض للغاية لتجنب رصدها من قبل الرادارات الإسرائيلية.
- استهدفت مواقع استراتيجية تشمل مراكز القيادة والسيطرة، المطارات الحربية، محطات الرادار، ومستودعات الذخيرة.
- أسهمت الضربة الجوية في تدمير أكثر من 90% من الأهداف المعادية، وفق التقارير العسكرية آنذاك.
- فتحت الطريق أمام القوات البرية المصرية لعبور قناة السويس، وبدء عملية تحرير سيناء.
التخطيط للضربة الجوية: كيف تم تنفيذها؟
بعد نكسة 1967، خضع سلاح الجو المصري لإعادة بناء دقيقة، أشرف عليها مبارك بنفسه. أدركت القيادة العسكرية أن أي محاولة لعبور القناة دون تحييد الدفاعات الجوية الإسرائيلية ستكون مهمة انتحارية، لذا تم إعداد خطة محكمة تعتمد على:
- عنصر المفاجأة: انطلقت الطائرات المصرية من قواعدها قبل لحظات من بدء الحرب، وحلّقت على مستوى منخفض لتفادي الرصد.
- التنفيذ الحاسم: تم تقسيم الضربة إلى موجات لضمان تدمير الأهداف المحددة بدقة.
- التنسيق مع القوات البرية: تزامنت الضربة الجوية مع تحرك القوات المصرية لعبور القناة وتأمين رؤوس الجسور.
مبارك في غرفة العمليات: اللحظة الحاسمة
في الساعة الثانية ظهرًا، أعطى الرئيس الراحل أنور السادات الإشارة لبدء الحرب، بينما كان حسني مبارك داخل غرفة عمليات القوات المسلحة، يراقب تقدم الطائرات المصرية لحظة بلحظة.
- دوت أصوات الانفجارات في مواقع العدو، وأصبحت الدفاعات الإسرائيلية في حالة شلل.
- عادت الطائرات المصرية وسط هتافات وتكبيرات النصر.
- تقارير النجاح كانت تتوالى أمام مبارك، مؤكدًة نجاح الضربة الجوية في تحقيق أهدافها بالكامل.
تكريم السادات لمبارك: الطريق إلى الرئاسة
بعد نجاح الضربة الجوية، أدرك السادات مدى أهمية الدور الذي لعبه مبارك في تحقيق الانتصار، فقام بمكافأته بترقيته سريعًا حتى وصل إلى منصب نائب رئيس الجمهورية في عام 1975. وبعد اغتيال السادات عام 1981، تولى مبارك رئاسة البلاد لمدة ثلاثة عقود.
ورغم الجدل الكبير حول فترة حكمه، تظل الضربة الجوية لحظة لا خلاف على أهميتها، فقد كانت النقطة الفاصلة التي مهدت لانتصار أكتوبر وغيّرت مسار التاريخ المصري.
إرث الضربة الجوية: ذكرى لا تُنسى
كل عام، عندما تحلق الطائرات المصرية في العروض العسكرية، تعود إلى الأذهان ذكرى الضربة الجوية الأولى التي جعلت سماء مصر تشتعل بالنصر في السادس من أكتوبر. إنها لحظة مجيدة تظل محفورة في الذاكرة الوطنية، كشاهد على عبقرية التخطيط وقوة الإرادة المصرية.