كتبت في هذا المكان ، جريدة “المصري اليوم” بتاريخ يناير ٢٠١٧ مقالاً بعنوان “نصف الديكتاتورية..-ونصف الديمقراطية ” متأثراً بقصيدة لجبران خليل جبران عن فلسفة النصف.
اقرا ايضا ..محمود الورواري يشارك في تكريم 400 طفلا من حفظة القرآن الكريم
ولم أدري أن ذلك ما زال في ذاكرة الشباب بهذا الوضوح عندما حاوروني حول إمكانية خروج مصر من المأزق الحضاري التي تنجذب اليه !!
قلت في المقال منذ ٧ سنوات: “هل نحن مستعدون للاختيار ؟! ، وهل نحن مستعدون للحسم الثقافي والاجتماعى و السياسى الذى لا يخدم فقط تنوير العقول ويغير شكل مستقبل البلاد ويلائم تطور البشرية ، بل يكون صانعها؟ أم نريد نصف انفتاح ونصف انغلاق.. ؟!
هل نريد فعلاً قطاعاً خاصاً قوياً خالقاً لفرص العمل ، أم نريد قطاعاً تملكه و تتحكم فيه الدولة و أجهزتها ، أم النصف من ذلك والنصف من هذا انتقائياً حسب الظروف والضغوط ؟!.
هل نريد التخلص من الفقر وأن نكون أغنياء أم نريد المساواة في الفقر لأننا في النصف ؟!
هل نريد مجتمعاً مدنياً قوياً وجمعيات أهلية فاعلة ، يساند وينمي أم نتفذلك في قوانين تقتله في مهده وتمنعه بحجة البيروقراطية أحياناً و الأمن أحياناً أخري.
نحن في النصف نريد ولا نريد.. وللأسف يتغير ما نريده حسب الأحداث كردود فعل وليس كمبادرات.
هل نحن دولة مدنية حديثة أم دولة دينية رجعية ؟؟، كل ما يحدث أمامي يقول أننا في النصف فلا نحن دولة دينية بمعناها الكامل ولا نحن دولة مدنية بمعناها الكامل، فنحن لا نمنع تدخل الدين في السياسه بوضوح بل نستخدم مفردات لغته في الحكم ، و نسمح بقوانين تمنع مناقشة ما هو إنساني بحجة أنه إلهي ، مع الدفاع و الإيمان بأحاديث يرتكز علي فلسفتها الدواعش وطالبان وأمثالهم في بعض كتبنا التعليمية وفي الكثير من برامجنا التلفزيونية.
ننادي بالمواطنة وأفعالنا فيها تمييز سخيف بين المواطنين المختلفين في الدين ولا نقبل من يتجرأ أن يقول غير ذلك ، نحن في النصف .
نعمل الأيام والليالي ، ونُكّون اللجان ، عبر الأزمنة لنخرج للعالم بإستراتيجيات تحفظ حقوق الإنسان ، ونُكلم العالم بشكل ونتعامل مع بعضنا بشكلٍ آخر، فلا نحمي المرأة من إنتهاك حقوقها ،
ندّعي الحفاظ علي حقوق الإنسان ونتمسك بالمواطنة في الدستور ، ولا نتجرأ الي رفع خانة الديانة من بطاقة الهوية تأكيداً لأن هوية المواطن مرتبطة بالدين وليس الوطن .
ندّعي حماية الحريات ، ونسمح بالحبس الاحتياطى بالسنين وبدون إجراء تحقيقات تستحق التحفظ علي المتهم ، وكلنا يعلم أن الحبس الاحتياطى أصبح عقوبة في حد ذاته تتحكم فيه السلطة التنفيذية بقيود شكلية..
كلها أمثلة لواقع يمكن تعديله بجرة قلم ، وبسرعة
هل نحن دوله أمنية أم دولة مدنية حديثة كما يقول الدستور! نحن في النصف. كلامنا يقول مدنية وحقيقة أفعالنا دولة أمنية بلا مواربة.
وأقول وأنا مسئول عن كلامي أن هناك إنطباعاً لدي المجتمع أننا كلنا مراقبون.. في أي حوار ، أجد الناس تُبعد التليفونات وتُغلقها خوفا من الحديث بحرية تخوفاً من الرقابة.
أنا أكاد أجزم أن ذلك ليس حقيقياً ،ولكن في السياسة يصبح الإنطباع حقيقة حتي لو لم يكن لها برهان.
وكم من انهيارات حدثت في الدول ، جراء تقليل حجم انطباعات المجتمع السلبية علي أمور قد تكون غير حقيقية ولكنها ثبتت في الوجدان وكأنها الحقيقة( فلسفة حروب الجيل الرابع ).
هل حقا نحترم حرية التعبير أم فقط نحترم حرية التعبير إذا أيدت النظام ولا نحترمها اذا عارضت بل نمنعها؟..نحن في النصف”.
واستطردت الشابة السياسية قائلة: أليس ذلك ما كتبته وقلته لنا ، بل ونشرته بلا رقيب وقتها منذ ٧ سنوات!!!! وفي المصري اليوم !!هل تستطيع نشره الآن؟؟!!
قلت : سأجرب النشر مرة أخري ونري مساحة الحرية المتاحة المتبقية ، لكن إجابة سؤالك هي …نعم يا إبنتي ، أستطيع النشر ، بناءاً علي مصداقية اكتسبتها عبر السنين ، قبل وبعد يناير .
في زمن مبارك وعهد السيسي وحتي في سنوات حكم المجلس العسكري ومن بعده الإخوان.
أنا أبني ولا أهدم ، وأنصح ولا أنتظر شيئا