لا تزال تداعيات تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة تثير موجة واسعة من الجدل، خاصة بعدما زعم أنه ناقش هذا الملف مع القيادة المصرية، رغم النفي الرسمي من الجانب المصري.
وفي الوقت الذي أكدت فيه القاهرة وعمان موقفهما الثابت برفض أي محاولات لنقل سكان غزة إلى أراضيهما، شدد خبراء القانون الدولي على أن مثل هذه الخطط تمثل انتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية، وقد ترقى إلى مستوى “جريمة حرب”.
خرق للقوانين الدولية واتفاقيات جنيف
الدكتور محمد محمود مهران، الخبير في القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأميركية والأوروبية للقانون الدولي، أوضح أن تصريحات ترامب حول تهجير سكان غزة تخالف المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر بشكل قاطع النقل القسري الجماعي أو الفردي للسكان من الأراضي المحتلة.
كما أشار إلى أن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يصنف التهجير القسري كجريمة حرب تستوجب المحاسبة، وهو ما يؤكد أن أي محاولة لفرض تهجير الفلسطينيين قسرًا تعتبر عملاً غير قانوني، ويمكن ملاحقة المسؤولين عنه دوليًا.
وأضاف مهران أن المادة 85 من البروتوكول الإضافي الأول تُدرج النقل القسري للسكان ضمن “الانتهاكات الجسيمة” التي تستوجب المحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية، مؤكدًا أن هذه القوانين تهدف إلى حماية الشعوب من سياسات التهجير القسري التي تسعى بعض القوى الدولية إلى فرضها.
موقف مصري حاسم ضد مخططات التهجير
من جهته، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي رفض بلاده القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين، مشددًا على أن مثل هذه المخططات تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري وللاستقرار الإقليمي.
كما شدد رئيس مجلس النواب المصري، المستشار حنفي جبالي، على أن القاهرة لن تسمح بأي ترتيبات من شأنها تغيير الواقع الجغرافي والسياسي للقضية الفلسطينية، محذرًا من أن تنفيذ أي خطة لتهجير سكان غزة لن يهدد الفلسطينيين وحدهم، بل سيمثل خطرًا جسيمًا على المنطقة بأكملها.
حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم
في السياق ذاته، لفت الخبير القانوني إلى أن قرارات مجلس الأمن الدولي، لا سيما القرار 242 لعام 1967، تنص بوضوح على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة، كما تؤكد المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو ما يتنافى تمامًا مع تصريحات ترامب بشأن نقل الفلسطينيين قسرًا خارج أراضيهم.
وأشار مهران إلى أن الشعب الفلسطيني أثبت عبر العقود الماضية تمسكه بأرضه ورفضه لكل مشاريع التهجير، مشددًا على أن الحل العادل للقضية الفلسطينية لا يكون عبر التهجير، بل عبر تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وخاصة حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967.
رفض دولي واسع واستمرار النزوح الداخلي
يُذكر أن قطاع غزة يعاني من أوضاع إنسانية متدهورة، حيث نزح أكثر من 2.4 مليون فلسطيني جراء الحرب المستمرة منذ هجوم 7 أكتوبر 2023، فيما تواصل إسرائيل فرض حصارها على القطاع، ما يفاقم من معاناة السكان.
وفي ظل هذه التطورات، لا يزال المجتمع الدولي يراقب الموقف عن كثب، وسط دعوات متزايدة للضغط على إسرائيل لوقف عملياتها العسكرية، والتأكيد على ضرورة إيجاد حل سياسي عادل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني ويحافظ على الاستقرار الإقليمي.