صناعة الغزل والنسيج في مصر تُعد من أعرق الصناعات التي لها جذور تاريخية تعود إلى أقدم العصور. فقد بدأها نبي الله إدريس عليه السلام، ووصفت بأنها “صنعة الستر” لأنها تُستخدم في ستر الإنسان. على مر العصور، تطورت هذه الصناعة بشكل كبير، وصولاً إلى العصر الحديث، حيث شهدت مراحل من الازدهار والتراجع.
الحقبة الذهبية: عصر محمد علي باشا
خلال عصر محمد علي باشا، شهدت صناعة الغزل والنسيج طفرة غير مسبوقة، حيث تم بناء مصانع متطورة واعتبرت مصر مركزًا عالميًا لهذه الصناعة. في ذلك الوقت، كانت مصر بمثابة البورصة العالمية للنسيج، واحتلت مكانة رائدة بفضل زراعة القطن طويل التيلة الذي كان الأفضل عالميًا.
النكسة وتأثيرها على الصناعة
مع اندلاع حرب 1967، بدأت الصناعة تواجه تحديات كبيرة. فالحرب وما تبعها من مشكلات اقتصادية أثرت سلبًا على زراعة القطن وصناعة الغزل والنسيج. وبحلول عام 1970، انخفضت جودة الإنتاج، وأصبح القطاع يواجه صعوبة في الحفاظ على مكانته العالمية.
التحولات في التسعينيات
في عام 1994، أصبحت زراعة القطن أقل ربحية نتيجة السياسات الاقتصادية، حيث ترك الفلاحون مسؤولية التصرف في محصولهم بأنفسهم. وأدى ذلك إلى تراجع كبير في زراعة القطن طويل التيلة، ما انعكس سلبًا على صناعة الغزل والنسيج.
الخصخصة وتأثيرها
في عهد الرئيس محمد حسني مبارك، تم بيع القطاع العام المسؤول عن صناعة الغزل والنسيج. أدى ذلك إلى تقلص حجم الصناعة، مع بقاء عدد محدود من شركات القطاع الخاص في السوق. ومع دخول دول أخرى المنافسة، تخلفت مصر عن مركزها الرائد عالميًا.
الطموح نحو المستقبل
رغم التحديات، تسعى مصر في الوقت الحالي إلى استعادة مكانتها في صناعة الغزل والنسيج من خلال مشروعات قومية لتطوير المصانع وتشجيع زراعة القطن طويل التيلة. ومع الجهود الحكومية المستمرة، هناك أمل بأن تعود هذه الصناعة إلى أوجها، بما يساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.