تشهد الساحة السورية تطورات متسارعة وتحولات حاسمة أثارت اهتمامًا واسعًا في الأوساط السياسية الإقليمية والدولية. تأتي هذه التحولات نتيجة لتشابك المصالح بين القوى الكبرى والإقليمية، ما يفتح الباب أمام سيناريوهات جديدة قد تغير وجه المنطقة.
تطورات الأزمة ورفض التسوية
شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيدًا واضحًا بعد رفض الرئيس السوري بشار الأسد دعوات روسية وتركية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة المستمرة. هذا الرفض جاء في وقت حساس تواجه فيه سوريا ضغوطًا اقتصادية وعسكرية هائلة، خاصة مع تصاعد التوترات في لبنان وغزة.
مصادر مطلعة أشارت إلى أن روسيا وتركيا حاولتا مرارًا دفع الأسد نحو تسوية تضمن استقرار المنطقة، إلا أن موقفه المتشدد أدى إلى توتر العلاقات مع حلفائه التقليديين.
الموقف الروسي: إعادة ترتيب الأولويات
روسيا، الحليف الأبرز للنظام السوري، بدت وكأنها تعيد تقييم استراتيجيتها في سوريا. تصريحات مسؤولين روس عن عدم استعدادهم للدفاع عن نظام لا يرغب في القتال تعكس تحوّلًا ملحوظًا. ومع انشغال موسكو بالنزاع في أوكرانيا، أصبحت سوريا أقل أهمية نسبيًا في الحسابات الروسية.
لكن رغم ذلك، تبقى المصالح الروسية قائمة، خاصة فيما يتعلق بالقواعد العسكرية في الساحل السوري، التي تمثل نقطة استراتيجية لا يمكن التخلي عنها بسهولة.
تركيا تستغل اللحظة
في المقابل، استغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الفرصة لشن عمليات عسكرية شمال سوريا. التحرك التركي جاء في وقت ضعف النظام السوري وانشغال حزب الله اللبناني بعد المواجهات الأخيرة مع إسرائيل. الخطوة التركية تعيد ترتيب الأوراق في المنطقة، وتجعل أنقرة لاعبًا رئيسيًا في أي تسوية مستقبلية.
موقف إيران وحزب الله
إيران، الحليف الآخر للنظام، اتخذت موقفًا أقل تدخلًا في الأزمة السورية مؤخرًا، مكتفية بدعم محدود، نظرًا للضغوط الدولية المتزايدة عليها. أما حزب الله، فيواجه تحديات كبيرة بسبب احتمالية فقدانه خطوط الإمداد عبر سوريا، مما يضعه أمام خيارات صعبة في المرحلة المقبلة.
مستقبل سوريا والمنطقة
الأزمة السورية تبدو مفتوحة على عدة سيناريوهات، منها:
- تشكيل نظام فيدرالي يُرضي مختلف الأطراف.
- استمرار الفوضى والصراع الداخلي لفترة طويلة.
- إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية والدولية بما يحقق مصالح القوى الكبرى.
في ظل هذه التحولات، تبقى الساحة السورية مركز الاهتمام الدولي، إذ تشير جميع المؤشرات إلى أن أي تسوية مستقبلية لن تكون سوى بداية لمرحلة جديدة من إعادة رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط.