في خطوة مثيرة للجدل، أقرّ الكنيست الإسرائيلي قانونًا يمنع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من العمل داخل إسرائيل، محظوراً بذلك تواجد مكاتبها ومنع التواصل الرسمي مع موظفيها. وقد حصل التشريع على أغلبية ساحقة، إذ صوت لصالحه 92 نائبًا، فيما عارضه 10 فقط، وهو ما أثار تنديدًا شديدًا من الهيئات الدولية.
ردود فعل دولية غاضبة: تداعيات على مستقبل اللاجئين يواجه هذا القانون انتقادات واسعة، لا سيما أنه من المقرر أن يبدأ تنفيذه خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر بعد إخطار رسمي للأمم المتحدة. وقد أثار الإعلان موجة من ردود الفعل المستنكرة من عدة دول وهيئات دولية، التي عبّرت عن قلقها العميق إزاء التأثيرات المحتملة على ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون على الأونروا للحصول على خدماتهم الأساسية.
مخاوف من تراجع الخدمات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية ويُلزم القانون الجديد إسرائيل بتوفير بدائل للخدمات التي كانت تقدمها الأونروا، خاصةً في مناطق مثل القدس الشرقية وغزة. ومع ذلك، يبقى الغموض يحيط بآلية تنفيذ هذا القرار، لا سيما في قطاع غزة الذي يعتمد بشكل كبير على المساعدات التي توفرها الأونروا في مجالات الغذاء والتعليم والصحة.
منذ تأسيسها قبل أكثر من سبعين عامًا، ظلت الأونروا تقدم خدمات أساسية لملايين اللاجئين، وبإقرار هذا القانون ستواجه الوكالة تحديات جديدة تحد من قدرتها على الوصول إلى المناطق المحتاجة، ما يثير قلقاً كبيراً بشأن وضع اللاجئين وتفاقم الأزمة الإنسانية هناك.
تحذيرات أمريكية وبريطانية: “إخلال بالتزامات إنسانية” أعربت الولايات المتحدة عن “قلقها العميق” إزاء هذا التشريع، مشيرة إلى تأثيراته المحتملة على الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، على أهمية استمرار المساعدات الإنسانية، خاصةً في المناطق التي تعاني ظروفاً معيشية قاسية مثل جباليا في شمال غزة. وأضاف ميلر أن الحد من نشاط الأونروا قد يساهم في تدهور الوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية، محذراً من مغبة القرار.
من جانبه، أدان وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، هذه الخطوة، معتبراً أنها تخالف التزامات إسرائيل تجاه المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن أي قيود على دخول المساعدات إلى غزة قد تشكل انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي. وطالب لامي برفع القيود عن المساعدات الإنسانية، مؤكدًا على أهمية احترام حقوق الفلسطينيين في تلقي المساعدات الضرورية التي تمولها المملكة المتحدة وتوزعها على المناطق المتضررة.
الاتحاد الأوروبي يعرب عن “قلق بالغ” إزاء القانون الجديد وفي رد فعل آخر، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ من تأثير القانون الإسرائيلي على عمل الأونروا، حيث أشار في بيان صادر عن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية إلى أن وقف أنشطة الأونروا قد يعوق العمليات الإنسانية الضرورية في غزة، ما يهدد بتصاعد الأزمة الإنسانية في المنطقة.
وأشار البيان إلى أن الأونروا تقدم خدمات حيوية لملايين اللاجئين الفلسطينيين، محذرًا من أن إغلاق مكاتبها سيؤدي إلى حرمان اللاجئين من خدمات ضرورية كالغذاء والتعليم والرعاية الصحية، ومطالبًا إسرائيل بمراجعة قرارها حرصاً على الاستقرار الإقليمي.
تداعيات إقليمية ودولية محتملة ترى العديد من الأوساط أن التشريع الإسرائيلي قد يُعرِّض استقرار المنطقة لخطر متزايد، حيث يُعتبر وجود الأونروا ركيزة من ركائز الاستقرار الاجتماعي والسياسي في منطقة تعاني من تحديات متعددة. وبتقليص نشاط الأونروا، قد يؤدي ذلك إلى فراغ في تقديم الخدمات الأساسية، ما ينذر بتفاقم الأوضاع الإنسانية وتزايد التوترات.
وعلى الصعيد الدولي، وضعت إسرائيل نفسها في موقف حساس مع حلفائها، إذ تعتبر العديد من الدول أن تقييد المساعدات الإنسانية لا يتوافق مع التزاماتها بالقانون الدولي. وقد يكون لهذا القرار تأثير سلبي على العلاقات الدبلوماسية لإسرائيل مع الدول التي ترى في تقديم المساعدات الإنسانية جزءاً من مسؤوليتها في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين.