في زيارة تحمل دلالات خطيرة على مستقبل الشرق الأوسط، وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وسط تطورات متسارعة في ملف الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. تأتي الزيارة في ظل مساعٍ إسرائيلية حثيثة لإعادة رسم المشهد الإقليمي، بما في ذلك التهجير القسري لسكان غزة، وتعزيز التطبيع مع الدول العربية، إضافة إلى محاولات كسب الدعم الأميركي لخطط إسرائيل في التعامل مع إيران وحزب الله.
دلالات وأهداف الزيارة
وفقًا لما صرح به اللواء محمد إبراهيم الدويري، نائب رئيس المركز المصري للفكر والدراسات، فإن زيارة نتنياهو تحمل في طياتها أبعادًا استراتيجية تهدف إلى:
- ضمان الدعم الأميركي الكامل للسياسات الإسرائيلية، لا سيما فيما يتعلق بإدارة الصراع في غزة ومنع عودة حماس إلى السلطة بأي شكل.
- التمهيد لخطط تهجير سكان غزة، عبر البحث عن سبل لتنفيذ مقترحات ترحيل الفلسطينيين إلى مصر والأردن، وهي فكرة تحظى بدعم بعض الأوساط الأميركية رغم الرفض العربي والدولي القاطع لها.
- تعزيز التحالف مع واشنطن للحصول على تأييد سياسي وعسكري واقتصادي لإسرائيل، بما يضمن استمرار تفوقها الإقليمي.
- تكثيف الضغوط على إيران لمنعها من امتلاك السلاح النووي، مع إبقاء خيار الضربات العسكرية مطروحًا.
- توسيع دائرة التطبيع العربي الإسرائيلي، في إطار الجهود المستمرة لدمج إسرائيل في المنطقة دون تقديم أي تنازلات للفلسطينيين.
ملفات شائكة على الطاولة
زيارة نتنياهو تأتي أيضًا في توقيت حساس، حيث تتواصل المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس بشأن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة، والتي تشمل إطلاق سراح المحتجزين واستكمال اتفاق الهدنة. في هذا السياق، يسعى نتنياهو للحصول على التزام أميركي بعدم الضغط على إسرائيل للقبول بحلول تتعارض مع مصالحها الأمنية، كما يسعى لتأمين الضوء الأخضر لاستئناف العمليات العسكرية حال إخلال حماس بأي بند من الاتفاق.
كيف يستفيد نتنياهو من ترامب؟
يرى محللون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول استغلال الدعم غير المشروط من إدارة ترامب لضمان استمرار حكومته الائتلافية، خاصة في ظل تهديدات من الأحزاب اليمينية المتطرفة بالانسحاب في حال توقف العمليات العسكرية في غزة. من جانبه، يبدو أن ترامب يحرص على إعادة تأكيد التزام واشنطن بأمن إسرائيل، مع إبقاء هامش مناورة يسمح له باستخدام الورقة الإسرائيلية لتحقيق مكاسب داخلية في الانتخابات الأميركية المقبلة.
تحركات عربية مطلوبة
في ظل هذه التطورات، يشدد الخبراء على ضرورة تحرك عربي فاعل لمواجهة المخططات الإسرائيلية، لا سيما فيما يتعلق بمسألة تهجير سكان غزة، والتي تتعارض مع جميع المواثيق الدولية. المطلوب هو توجيه جهود دبلوماسية مكثفة نحو واشنطن، لإيصال رسالة واضحة برفض أي مشاريع ترحيل قسري، والعمل على إعادة إحياء القضية الفلسطينية على أجندة السياسة الأميركية، بما يضمن تحقيق حل عادل وشامل للصراع.