في ظل التطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر تحركات عسكرية مصرية مكثفة في شمال سيناء، خاصة بالقرب من منطقة رفح الحدودية مع قطاع غزة. هذه التحركات أثارت جدلاً واسعًا بين الخبراء والمراقبين، حيث ربطها البعض بتصريحات أميركية حديثة حول احتمالية نقل سكان قطاع غزة إلى سيناء، مما أثار تساؤلات حول طبيعة هذه التحركات وأهدافها.
تعزيز الأمن القومي المصري
وفقًا للخبير العسكري المصري، اللواء أركان حرب محمد رفعت جاد، فإن هذه التحركات تأتي في إطار تعزيز الإجراءات الأمنية على الحدود المصرية، وهي جزء من استراتيجية شاملة تهدف إلى تأمين الحدود في مواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة. وأوضح جاد في تصريحات خاصة لـ”العربية.نت” أن هذه التحركات ليست جديدة، بل هي امتداد لإجراءات أمنية دورية بدأت منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023. وأضاف أن مصر تكثف من عمليات الاستطلاع والمراقبة الأمنية لضمان عدم تسلل أي عناصر تهدد أمنها القومي.
حق مصر السيادي في تأمين حدودها
أكد اللواء جاد أن تحركات القوات المصرية في سيناء تُعد حقًا سياديًا مشروعًا، يهدف إلى الحفاظ على استقرار المنطقة وحماية الأرواح والممتلكات. ومع ذلك، أشار إلى أن هذه التحركات قد تثير بعض القلق لدى الجانب الإسرائيلي، خاصة إذا تم تفسيرها بشكل خاطئ أو إذا تجاوزت الحدود المتفق عليها في الاتفاقيات الأمنية بين البلدين.
الالتزام بمعاهدة السلام مع إسرائيل
فيما يتعلق بمعاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979، أكد اللواء جاد أن مصر تلتزم تمامًا بنصوصها وتحرص على عدم تجاوز أي من بنودها. وأوضح أن التحركات العسكرية المصرية في سيناء لا تعني أي نوايا عدائية تجاه إسرائيل، بل هي إجراءات وقائية تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. ومع ذلك، أشار إلى أن أي تجاوز للحدود المتفق عليها قد يؤدي إلى توترات بين الجانبين.
محور فيلادلفي: نقطة الخلاف التاريخية
تطرق اللواء جاد أيضًا إلى موضوع محور فيلادلفي، الذي يمتد على طول الحدود بين قطاع غزة وسيناء. وأوضح أن هذا المحور لم يكن جزءًا من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، بل اكتسب أهميته بعد اتفاقيات أوسلو عام 1993، والتي أسست لحكم ذاتي فلسطيني في غزة والضفة الغربية. وأضاف أن إسرائيل انسحبت من قطاع غزة عام 2005، لكنها احتفظت بالسيطرة على المعابر الحدودية، مما أثار العديد من التساؤلات حول طبيعة العلاقات الأمنية بين مصر وإسرائيل في هذا الإطار.
فروق جوهرية بين التحركات المصرية والإسرائيلية
أشار اللواء جاد إلى وجود فروق جوهرية بين التحركات العسكرية المصرية في سيناء وتحركات إسرائيل في محور فيلادلفي. فبينما تُعد التحركات المصرية جزءًا من استراتيجية أمنية شاملة تهدف إلى حماية الحدود، فإن تحركات إسرائيل في محور فيلادلفي تأتي في إطار ترتيبات أمنية متغيرة، خاصة بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007. وأكد أن هذه الفروق تساهم في فهم أفضل لطبيعة التحركات العسكرية على الحدود.
سيناريوهات مستقبلية محتملة
في ظل التصريحات الأميركية الأخيرة حول احتمالية نقل سكان قطاع غزة إلى سيناء، يرى بعض المراقبين أن التحركات العسكرية المصرية قد تكون استعدادًا لسيناريوهات مستقبلية محتملة. ومع ذلك، أكد اللواء جاد أن مصر لن تسمح بأي انتهاك لسيادتها أو أمنها القومي، وأن أي قرارات مستقبلية ستكون في إطار الحفاظ على مصالحها العليا.