في وقت تسعى فيه الأطراف الدولية لإزالة العقبات التي تواجه تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، يظل القلق قائمًا من الخروقات المتكررة التي ترتكبها القوات الإسرائيلية على الأرض، مما يهدد استقرار الهدنة الهشة التي تم التوصل إليها في 19 يناير 2025. بينما تواصل مصر وسائر الوسطاء جهودهم لتحقيق التهدئة الدائمة، فإن الواقع الميداني يشير إلى تحديات لا يمكن تجاهلها.
خروقات إسرائيلية تؤثر على تنفيذ الهدنة
رغم الجهود المبذولة لإيقاف إطلاق النار، كشفت مصادر مصرية مطلعة عن استمرار الخروقات الإسرائيلية على مدار الأسابيع التي تلت إعلان وقف إطلاق النار، والتي وصلت إلى 10 فبراير 2025. هذه الخروقات شملت توغلات يومية للقوات الإسرائيلية في عدة مناطق من قطاع غزة، ومنها “دوار العودة”، “تل زعرب”، “حي السلام”، “تل السلطان”، و”الحي السعودي”، حيث هدمت القوات الإسرائيلية أربعة منازل في حي البراهمة، الذي يقع خارج المنطقة العازلة.
كما أفاد المصدر بأن القوات الإسرائيلية قد تقدمت في نهاية الشهر الماضي من محور “نتساريم” باتجاه المناطق الجنوبية للقطاع، حيث أطلقت النار بشكل عشوائي على المواطنين في المناطق السكنية.
الطيران الإسرائيلي: انتهاك مستمر للهدنة
من أبرز الخروقات التي تم رصدها كانت تحليقات الطائرات الإسرائيلية التي استمرت بشكل يومي في مناطق محظورة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. أظهرت الإحصاءات تسجيل أكثر من 100 خرق من الطيران العسكري الإسرائيلي على مدار الأسابيع الماضية، إذ تم رصد تحليق طائرات الاستطلاع مثل “هريمز 450” و”سوبر هيرون”، في وقت كان من المفترض أن يتم وقف هذه الأنشطة.
وفي إطار آخر، قامت القوات الإسرائيلية بمنع الصيادين الفلسطينيين من ممارسة عملهم في البحر، بل وأطلقت النار عليهم عدة مرات، مما يزيد من معاناتهم في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها القطاع.
الخروقات تتوسع في مختلف المجالات
إضافة إلى هذه الخروقات الميدانية، كانت هناك عراقيل كبيرة على صعيد الإغاثة الإنسانية. فقد منع الاحتلال الإسرائيلي دخول المعدات الثقيلة اللازمة لرفع الركام من المباني المدمرة، فضلاً عن تأخير وصول مواد البناء المخصصة لإعادة ترميم المستشفيات ومراكز الدفاع المدني، كما تم منع دخول المحروقات والمواد الغذائية التي يحتاجها الفلسطينيون.
التأثير على عملية تبادل الأسرى
فيما يتعلق بتبادل الأسرى، كشف المصدر المصري عن تأخير غير مبرر في الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، حيث تم تأجيل إطلاق سراح دفعة ثالثة من الأسرى إلى ساعات متأخرة من اليوم، فضلاً عن تعرض المعتقلين الفلسطينيين للضرب أثناء عملية الإفراج عنهم. كما تم تغيير بعض الأسماء دون تنسيق مسبق، مما يعكس استمرار تعقيد الأمور داخل عملية التبادل.
مصر والوسطاء يواصلون إزالة العقبات
على الرغم من هذه الصعوبات، أكدت مصادر مصرية أن جهود الوسطاء – مصر وقطر والولايات المتحدة – قد نجحت في إزالة العديد من العقبات التي كانت تحول دون تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل. نتيجة لذلك، بدأ دخول المواد الإنسانية الضرورية مثل الخيام والبيوت المتنقلة، فضلاً عن الوقود والمواد الغذائية للمناطق المتضررة في غزة.
تجدر الإشارة إلى أن المرحلة الأولى من صفقة التبادل التي تشمل إطلاق سراح الأسرى امتدت 42 يومًا، وتشمل الإفراج عن 33 أسيرًا إسرائيليًا مقابل حوالي 700 أسير فلسطيني. ومن المنتظر أن يتم تنفيذ المرحلة السادسة من تبادل الأسرى في الأيام القادمة، في وقت تشهد فيه المنطقة مزيدًا من الجهود لإزالة العراقيل التي تعرقل تنفيذ التفاهمات.
موقف إسرائيل من التفاهمات
على الجانب الآخر، وصف مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التقارير التي تحدثت عن التوصل لتفاهمات مع حركة حماس بأنها “أخبار زائفة”، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي ويجعل التوصل إلى اتفاق دائم أكثر صعوبة.
الخلاصة
بينما يبذل الوسطاء المصريون والدوليون جهودًا مستمرة لإنهاء الخروقات وضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، لا يزال هناك تحديات كبيرة أمام استقرار الأوضاع في غزة. من توغلات القوات الإسرائيلية إلى منع المساعدات الإنسانية، تظل خروقات الاحتلال تشكل تهديدًا مستمرًا لعملية السلام في المنطقة، مما يجعل المستقبل غامضًا بالنسبة لقطاع غزة الذي لا يزال يعاني من الحروب المستمرة.