بعد 30 يوما من الحرب ونحو أسبوعين من العملية البرية داخل قطاع غزة، يبدو أن إسرائيل لم تحقق حتى اللحظة أي أهداف قد أعلنت عنها في أكتوبر، وفي المقابل يعتقد مراقبون أن الهجمات الكثيفة على غزة قدمت، على عكس ما كانت تقصده إسرائيل، ميزة إضافية لحركة حماس.
اقرا ايضا ..الصحة الفلسطينية :ضحايا العداون الإسرائيلي على غزة 10569 شهيدا
ويرى خبراء ، أن الحرب في غزة تبدو حتى اللحظة طويلة الأمد ولا يمكن الجزم بالطرف المنتصر بها، لكن يمكن القول إن الطرفين حققا مكاسب وخسائر أيضا، في حين يستمر نزيف المدنيين لأجل غير مسمى، ويواجه الشعب الفلسطيني في القطاع حربا لا هوادة فيها.
ويرى مدير الأبحاث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى باتريك كلاوسون، أن حماس لا تزال موجودة داخل الأنفاق، وربما ستستغل الحطام داخل القطاع لتوفير مخابئ وملاذات آمنة لعناصرها، مما يجعل مهمة الجيش الإسرائيلي في تحقيق أهدافه المعلن عنها سابقا بتدمير البنية التحتية لحماس أو القضاء على الحركة أمرا صعبا.
وحسب كلاوسون، ستستغرق الحرب مدة طويلة لأن الحكومة الإسرائيلية “لن ترضى بأقل من القضاء التام على البنية التحتية لحماس، والمشكلة هي أنها ستحتاج إلى الكثير من الوقت لتحقيق ذلك، وستتكبد خسائر فادحة في صفوف المدنيين”.
ماذا حقق القصف الإسرائيلي المكثف على غزة؟
يرى أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني عزام شعث، أنه “بعد مرور شهر على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لم تتحقق الأهداف المعلنة من المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل”.
ويضيف شعث أن “أكثر ما حققته إسرائيل في عدوانها هو استهداف آلاف المدنيين الفلسطينيين في القطاع، واستهداف المنشآت والأعيان المدنية المحمية بموجب قواعد القانون الإنساني الدولي، وتطبيق سياسة الإبادة الجماعية والتهجير القسري من مدينة غزة وشمالها إلى جنوب القطاع لأكثر من مليون ونصف المليون نسمة”.
فشل خطة الرد الإسرائيلي الرباعية
بحسب شعث، وضعت “حكومة الحرب الإسرائيلية” 4 أهداف لعدوانها على قطاع غزة على خلفية هجوم حماس على مناطق غلاف غزة واقتحامها في السابع من أكتوبر الماضي، هي:
القضاء على حركة حماس.
الإجهاز على البنية التحتية لقوى المقاومة الفلسطينية في غزة.
إنهاء حكم وسيطرة حماس على قطاع غزة.
إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في القطاع، في مقابل الهدف الأكبر المعروف بخطة “تهجير سكان غزة جنوبا باتجاه سيناء المصرية”، بما تحمله من مضامين إنهاء القضية الفلسطينية.
ويقول الخبير الفلسطيني: “الشاهد أن إسرائيل لم تزل تواجه تحديات لتحقيق أهدافها ميدانيا، فهي وإن تمكنت من استهداف بعض قادة حماس منذ انطلاق هجماتها العسكرية في القطاع، فإنها لا تزل تواجه هجمات في المناطق التي توغلت فيها بريا في شمال وشرق قطاع غزة ضمن هجومها البري المحدود، مع استمرار إطلاق القذائف الصاروخية باتجاه الأراضي المحتلة انطلاقا من قطاع غزة، وهذا ما يفسره تزايد وارتفاع الغارات الإسرائيلية بواسطة الطائرات الحربية، التي دمرت مدنا وأحياء سكنية كاملة في القطاع”.
وفي مقابل ذلك، تمكنت الدبلوماسية المصرية من الإجهاز على مخطط نزوح الفلسطينيين إلى سيناء، وفق المتحدث.
ويرى شعث أن “إخفاق إسرائيل في تحقيق أهداف عمليتها العسكرية وعدوانها في غزة، كان سببا مباشرا لانقسام الرأي العام الإسرائيلي إلى موقفين: أحدهما يطالب بتكثيف الضربات الإسرائيلية ضد القطاع، في مقابل الرأي بضرورة اللجوء إلى خيار التفاوض مع حماس لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في القطاع”.
حسابات المكسب والخسارة
يرى الكاتب والباحث المصري المختص بالشأن الفلسطيني أحمد جمعة، أنه لا يوجد أي طرف فائز في هذه الحرب التي يمكن أن تشعل الإقليم وتؤدي لحرب شعواء تأتي على الأخضر واليابس، في مناطق تعاني بشكل كبير نتيجة الحروب والصراعات والنزاعات المسلحة التي استنزفت دول الشرق الأوسط.
ويفند جمعة مكاسب الربح والخسارة لكلا الطرفين كالآتي:
مكاسب حماس
قتل أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين، حيث تجاوز عدد القتلى 1600 شخص وإصابة أكثر من 7 آلاف آخرين.
احتجاز أكثر من 250 أسيرا ورعايا أجانب، وترى حركة حماس أن هذه أهم ورقة في معادلة الصراع العسكري الحالي.
تقديم نفسها كطرف فلسطيني سياسي وعسكري لا يمكن تجاوزه في أي مرحلة من مراحل الحل للقضية الفلسطينية.
الحصول على دعم لدى بعض الشعوب العربية والإسلامية، التي رأت أن ما قامت به حماس نتاج طبيعي للانسداد السياسي.
خسائر إسرائيل.
تلقت إسرائيل هزيمة كبيرة في 7 أكتوبر الماضي بعد ترويجها لفكرة أنها أقوى جيش في المنطقة، وبالتالي كانت الهزيمة الساحقة عسكرية وسياسية تحتاج لسنوات كي يستفيق منها، علاوة على الارتباك الداخل الإسرائيلي الواضح في الخلافات بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وكذلك بيني غانتس عضو حكومة الحرب، التي شكلها نتنياهو.
فشل استخباراتي وأمني لكافة المؤسسات الإسرائيلية، التي كانت تقدم نفسها كمؤسسات خارقة وثبت عجزها عن توقع هجوم حماس.
تكبد إسرائيل خسائر اقتصادية فادحة مع تعطل كافة مناحي الحياة، خاصة قطاع السياحة، وعدد كبير من الشركاء والمصانع.
انتكاسة للسلاح الإسرائيلي في سوق الأسلحة، خاصة منظومة القبة الحديدية التي كانت تروج لها بشكل كبير.
عدد القتلى الذي وصل لـ1600 قتيل بين جندي ومستوطن، وإصابة حوالي 7 آلاف، هو رقم ضخم جدا في إسرائيل وانتكاسة كبيرة، ستحتاج إسرائيل لفترة طويلة لمعالجة تداعياتها.
خسائر حماس
زيادة معاداة الغرب للحركة ورفض فكرة التعاطي معها، وسيؤدي ذلك لاحقا لإقدام عدد كبير من الدول على تصنيفها منظمة إرهابية لإرضاء إسرائيل.
دمار جزء كبير من قطاع غزة ومقتل أكثر من 10 آلاف وإصابة 27 ألف شخص، وتدمير كافة مناحي الحياة.
تخطيط بعض الدوائر والأصوات الغربية على استبعاد حماس من حكم غزة أو المشاركة في المعادلة السياسية.