المحامية دينا المقدم، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، تؤكد أن استراتيجية “السردية بالقوة” أو ما يُعرف بـ Manufacturing Consent تُعدّ إحدى أخطر الأدوات الدعائية المستخدمة في السياسة والإعلام، حيث تعتمد على إعادة طرح الأفكار بشكل متكرر حتى تصبح مألوفة وأكثر قبولًا لدى الجمهور، حتى وإن كانت صادمة في البداية.
كيف تُطبق هذه الاستراتيجية؟
تعتمد هذه المنهجية على التكرار المكثف للأفكار والرسائل الإعلامية، مما يؤدي إلى تغيير طريقة استقبالها من قبل الجمهور، حيث يصبح الأمر المعتاد أقل صدمة بمرور الوقت. ويحدث ذلك عبر عدة وسائل، منها:
- تكرار الطرح الإعلامي: عندما طُرحت مسألة تهجير الفلسطينيين لأول مرة، قُوبلت برفض واسع، ولكن مع استمرار التصريحات حولها، بدأ الإعلام في تناولها كخيار محتمل ضمن عدة سيناريوهات.
- إغراق المجال العام بالنقاش حول الفكرة: سواء عبر تصريحات سياسية، تحليلات استراتيجية، أو تسريبات إعلامية، تُقدَّم الفكرة من زوايا مختلفة حتى تصبح مطروحة للنقاش وكأنها واقع لا مفر منه.
- نماذج سابقة لنفس الاستراتيجية: ما حدث مع العراق مثال واضح، حيث تحولت كذبة “أسلحة الدمار الشامل” إلى مبرر للحرب، بعد تكرارها إعلاميًا حتى بدت وكأنها حقيقة غير قابلة للتشكيك.
الهدف النهائي لهذه الاستراتيجية؟
- جعل الفكرة قابلة للنقاش: حتى وإن كان التهجير غير مقبول دوليًا، فإن تكرار الحديث عنه يضعه على طاولة الخيارات الممكنة.
- تحويل الجدل من إمكانية التنفيذ إلى كيفية التنفيذ: بدلاً من التساؤل عما إذا كان يمكن تنفيذ التهجير، يصبح السؤال عن الآليات الأنسب لتحقيقه، وهو ما يخدم الأجندة السياسية لبعض الأطراف.
الخطر الحقيقي
الخطر لا يكمن فقط في قدرة قادة مثل دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو على تنفيذ هذه المخططات، بل في نجاحهم بجعل الجمهور يتعامل معها كأمر واقع وممكن التنفيذ. وهذا ما يسهّل تمرير القرارات السياسية التي لم تكن مقبولة من قبل.
كيف يمكن مواجهة هذا الأسلوب؟
- رفض الفكرة تمامًا وعدم مناقشتها كخيار سياسي: يجب عدم الوقوع في فخ التطبيع مع الأفكار المرفوضة أخلاقيًا وسياسيًا.
- كشف التلاعب الإعلامي والتصريحات المتضاربة: العديد من هذه التصريحات تُستخدم كمناورات لإلهاء الرأي العام أو فرض واقع جديد عبر الإعلام.
- التأكيد على الحقيقة الأساسية: أن كل هذه التحركات تهدف لحرف الأنظار عن فشل الاحتلال وخلق ضغوط سياسية زائفة.