في ظل إعلان منظمة الصحة العالمية اعتبار جدري القردة حالة طوارئ صحية عالمية، تزايدت التساؤلات والمخاوف حول إمكانية تحوله إلى جائحة على غرار فيروس كورونا الذي اجتاح العالم. ورغم اختلاف طبيعة الفيروسين، إلا أن الذعر الذي أحدثه تفشي جدري القردة يعيد للأذهان تلك الأيام العصيبة التي مر بها سكان الأرض خلال جائحة كوفيد-19.
الفروق الأساسية بين جدري القردة وكورونا
1. طبيعة الفيروس:
فيروس كورونا ينتمي إلى الفيروسات التاجية، بينما ينتمي جدري القردة إلى الفيروسات المغلفة. هذا التصنيف الفيروسي يؤثر بشكل مباشر على كيفية انتقال كل منهما. ففيروس كورونا ينتقل عبر الهواء من خلال قطرات صغيرة محملة بالفيروس، مما يجعله أكثر قدرة على الانتشار السريع وتطوير متحورات جديدة. في المقابل، ينتقل جدري القردة بشكل أساسي عبر الاتصال المباشر مع شخص مصاب أو من خلال ملامسة الطفح الجلدي أو سوائل الجسم، مما يجعله أقل قابلية للانتقال عبر الهواء.
2. طرق الانتقال:
ينتشر فيروس كورونا بسرعة كبيرة عبر الهواء، حيث يمكن للمصابين نشر الفيروس حتى دون ظهور أعراض عليهم. أما جدري القردة، ورغم إمكانية انتقاله عبر إفرازات الجهاز التنفسي، إلا أنه يتطلب عادةً اتصالاً مباشراً لفترة طويلة مع الشخص المصاب. كما يمكن للفيروس الانتقال من خلال الاتصال الجنسي أو من الأم المصابة إلى جنينها أثناء الحمل.
3. الأعراض:
تظهر أعراض كوفيد-19 عادةً بعد يومين إلى 14 يوماً من التعرض للفيروس، وتشمل الحمى، القشعريرة، الصداع، والتهاب الحلق، مع فقدان حاسة التذوق أو الشم في بعض الحالات. أما في حالة جدري القردة، فقد يستغرق ظهور الأعراض ما يصل إلى ثلاثة أسابيع، وتتمثل في طفح جلدي مصحوب ببثور مليئة بالصديد، يمكن أن تكون مؤلمة وتثير الحكة، مع انتشارها على الوجه والأطراف. ورغم أن جدري القردة قد يؤدي إلى الوفاة في حالات نادرة، إلا أن معدل الوفيات الناجمة عنه أقل بكثير مقارنة بفيروس كورونا.
هل يمكن أن يتحول جدري القردة لجائحة؟
في الوقت الذي يحذر فيه خبراء الصحة من احتمال انتشار جدري القردة بشكل أوسع إذا لم يتم احتواؤه، إلا أن المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها يرى أن خطر تحوله إلى جائحة ما زال ضعيفاً. وهناك عدة عوامل تميز جدري القردة عن كورونا وتجعل من الصعب تحوله إلى جائحة:
1. تاريخ المرض:
جدري القردة ليس مرضًا جديدًا، إذ تم اكتشافه منذ عدة عقود، مما يعني أن العلماء يمتلكون معرفة جيدة به. على العكس من فيروس كورونا، الذي كان فيروسا جديدًا تمامًا عند ظهوره في نهاية عام 2019، ولم يكن لدى العالم وقتها لقاحات أو مناعة ضده، مما سمح بانتشاره السريع.
2. اللقاحات المتاحة:
في حالة جدري القردة، تتوفر بالفعل عدة لقاحات فعالة تم تطويرها سابقًا، رغم عدم توافرها بكثرة في القارة الإفريقية. ومع تفشي المرض في 2022، تمكنت الدول المتقدمة من إطلاق حملات تلقيح ناجحة للحد من انتشار الفيروس.
خلاصة:
رغم المخاوف المتزايدة حول جدري القردة وإمكانية تحوله إلى جائحة جديدة، إلا أن الفروق الكبيرة بينه وبين فيروس كورونا، سواء من حيث طبيعة الانتقال أو مستوى الاستجابة الطبية، تجعل من الصعب تكرار السيناريو المرعب الذي حدث مع كوفيد-19. ومع وجود لقاحات فعالة ووعي عالمي متزايد حول كيفية التعامل مع الأوبئة، يمكن السيطرة على جدري القردة ومنع تحوله إلى تهديد عالمي جديد. ومع ذلك، يظل الوقت مبكرًا للإجابة على سؤال ما إذا كان هذا الفيروس سيستمر في الانتشار عالمياً، ولكن يبقى الحذر والتأهب أمرين أساسيين في مواجهة أي تطور محتمل.