أثيرت خلال ندوة “مستقبل الصحافة الورقية والرقمية”، التي عُقدت ضمن فعاليات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين، قضية شائكة تواجه المؤسسات الصحفية في العصر الرقمي. فقد أوضح الكاتب الصحفي محمد عبد الرحمن، خلال حديثه في الندوة، أن وسائل التواصل الاجتماعي تعتمد بشكل كبير على المحتوى الإخباري الذي تنتجه المؤسسات الصحفية، دون أن تحصل الأخيرة على حقوقها العادلة من العائدات الناتجة عن هذا الاستغلال.
عبد الرحمن أكد أن الصحفيين اليوم يجدون أنفسهم أشبه بعاملين لدى هذه المنصات، موضحًا: “إحنا بالنسبة لهم زي جوجل، ننتج المادة الخبرية التي تزيد من تفاعل المستخدمين على وسائل التواصل، ومع ذلك لا نحصل إلا على نسبة ضئيلة للغاية من العائدات، إن حصلنا عليها من الأساس.” وأضاف أن الصحافة الإلكترونية باتت تواجه تحديات غير مسبوقة في ظل سيطرة عمالقة التكنولوجيا على ساحة الإعلام الرقمي.
وأشار عبد الرحمن إلى ضرورة وضع حلول منصفة تضمن للمؤسسات الصحفية حقوقها المادية والأدبية. واقترح العمل على فرض سياسات تنظيمية تلزم منصات التواصل الاجتماعي بتقاسم الأرباح مع المؤسسات المنتجة للمحتوى. كما دعا النقابات الصحفية إلى تعزيز التوعية بأهمية هذه القضية والعمل على تشكيل جبهة موحدة للدفاع عن مصالح الصحفيين والمؤسسات الإعلامية.
في سياق متصل، ناقش المشاركون في الندوة الآليات التي يمكن من خلالها للمؤسسات الصحفية أن تصمد أمام التحديات الراهنة. وتركزت النقاشات حول تطوير المحتوى الرقمي ليتناسب مع طبيعة الجمهور المعاصر، مع الحفاظ على جودة المادة الصحفية. كما تم التأكيد على أهمية التنسيق بين النقابات الصحفية والجهات الحكومية لتشريع قوانين تضمن عدالة التوزيع في عصر الإعلام الرقمي.
من الجدير بالذكر أن هذه القضية ليست محلية فقط، بل تواجهها الصحافة عالميًا. في العديد من الدول، بدأت الحكومات باتخاذ خطوات لحماية حقوق المؤسسات الصحفية، مثل قانون “الأخبار الإلزامية” الذي أقرته أستراليا، والذي يُلزم منصات التواصل الكبرى بدفع أموال للناشرين مقابل استخدام محتواهم.
في النهاية، أكد عبد الرحمن أن مستقبل الصحافة يعتمد بشكل كبير على قدرة العاملين فيها على مواجهة هذه التحديات المستجدة، مؤكدًا: “الحفاظ على قيمة الصحافة ودورها كسلطة رابعة يتطلب تضافر الجهود بين جميع الأطراف المعنية.”