في تطور درامي ومفاجئ، خرج الرئيس السوري السابق بشار الأسد عن صمته لأول مرة بعد سقوط نظامه في الثامن من ديسمبر الجاري. وفي بيان مكتوب منسوب له نُشر من موسكو، نفى الأسد أن يكون قد هرب من سوريا بشكل مخطط له، مؤكدًا أن مغادرته تمت بتنسيق مع الروس بعد انهيار العاصمة دمشق بيد فصائل المعارضة المسلحة.
بعد أكثر من عقد من الصراع الذي أودى بحياة مئات الآلاف وشرد الملايين، تهاوت أركان النظام السوري بسرعة لم يتوقعها كثيرون. ومع تقدم المعارضة المسلحة إلى مشارف القصر الرئاسي، اتخذ الأسد قراره بالرحيل دون إبلاغ أقرب المقربين، تاركًا وراءه مشهدًا من الفوضى والدمار.
تفاصيل الهروب وتبرير الأسد
في البيان الذي نشرته صفحات الرئاسة السورية، قال الأسد: “لم أغادر الوطن بشكل مخطط له، بل بقيت أتابع مسؤولياتي حتى الساعات الأولى من صباح الأحد 8 ديسمبر، بعد سقوط دمشق”. وأضاف أنه انتقل إلى اللاذقية بمساعدة القوات الروسية لمتابعة العمليات العسكرية من هناك، قبل أن يُنقل إلى موسكو نتيجة تدهور الوضع الأمني واستهداف قاعدة حميميم بالطائرات المسيرة.
ووفقًا لمصادر مقربة، فإن الأسد غادر البلاد برفقة نجله حافظ دون إبلاغ حتى أفراد عائلته أو مستشاريه. وصرّح أحد مستشاريه لوكالة فرانس برس بأن “الرحيل كان مرتبكًا ومفاجئًا، حيث طلب الأسد إعداد خطاب للشعب قبل أن يستقل طائرة متوجهة إلى قاعدة حميميم ومن ثم إلى روسيا”.
سقوط دمشق ونهاية عهد الأسد
سقوط العاصمة دمشق جاء بعد هجوم خاطف استمر 11 يومًا، بقيادة فصائل المعارضة وعلى رأسها “هيئة تحرير الشام”. هذا السقوط وضع حدًا لحكم عائلة الأسد الذي دام لأكثر من 50 عامًا، اتسمت خلالها البلاد بالقمع الوحشي والتدهور المستمر في الأوضاع الاقتصادية والسياسية.
وفي بيانه، برر الأسد هروبه قائلاً: “مع سقوط الدولة بيد الإرهاب وفقدان القدرة على تقديم أي شيء، يصبح المنصب بلا قيمة، ولا معنى لبقاء المسؤول فيه”. كما أكد أنه لم يُطرح موضوع اللجوء أو التنحي، بل كان الخيار الوحيد هو مواصلة القتال ضد ما وصفه بـ”الإرهاب”.
مستقبل سوريا بعد رحيل الأسد
رحيل الأسد المفاجئ فتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول مصير البلاد ومستقبلها السياسي. فالقاعدة الروسية في حميميم، التي كانت إحدى ركائز دعم النظام، أصبحت الآن هدفًا مباشرًا للمعارضة. كما أن مصير القاعدتين العسكريتين الروسيتين في سوريا أصبح محل شك، خاصة في ظل تصاعد الهجمات.
ويأتي هذا التغيير في المشهد السوري وسط دعوات دولية لإعادة إعمار البلاد وإطلاق عملية سياسية جديدة تضمن مشاركة جميع الأطراف، بعيدًا عن سنوات القمع والدمار التي عانى منها الشعب السوري.