في الوقت الذي تشهد فيه تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي (AI) ازدهاراً غير مسبوق، تتزايد المخاوف حول استهلاكها الهائل للطاقة، والذي يتفوق على استهلاك محرك بحث تقليدي بمقدار 30 مرة، كما حذرت الباحثة ساشا لوتشيوني. تتوجه الأنظار إلى دور هذا النوع من الذكاء الاصطناعي في استهلاك الطاقة والآثار البيئية المترتبة عليه.
تفاصيل الاستهلاك الطاقي للذكاء الاصطناعي:
تؤكد لوتشيوني، التي تم تصنيفها كواحدة من أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم لعام 2024 من قبل مجلة “تايم”، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يتطلب طاقة هائلة بسبب القدرات الحاسوبية المتقدمة اللازمة لتدريبه على مليارات من نقاط البيانات. وعلى عكس محركات البحث التقليدية، التي تستخرج المعلومات، فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي يقوم بإنشاء معلومات جديدة، مما يزيد من استهلاك الطاقة.
الآثار البيئية لقطاع الذكاء الاصطناعي:
أفادت وكالة الطاقة الدولية أن قطاعي الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة استهلكا حوالي 460 تيراوات ساعة من الكهرباء في عام 2022، وهو ما يعادل 2% من الإنتاج العالمي الإجمالي. وبالإضافة إلى ذلك، كشفت لوتشيوني أن شركات التكنولوجيا الكبرى مثل “مايكروسوفت” و”غوغل” شهدت زيادة ملحوظة في انبعاثات غازات الدفيئة بسبب استخدام الذكاء الاصطناعي، مع زيادة 48% لغوغل و29% لمايكروسوفت في عام 2023 مقارنة بالأعوام السابقة.
مبادرات لوتشيوني للشفافية والفعالية:
ساشا لوتشيوني تعمل حالياً على تطوير أداة جديدة تُسمى “كودكاربن” التي تهدف إلى قياس البصمة الكربونية للبرمجيات. تهدف الأداة إلى تقديم رؤية أوضح حول كمية الطاقة المستهلكة من قبل نماذج الذكاء الاصطناعي، مما يساعد المستخدمين والمطورين على اتخاذ قرارات أكثر استدامة.
وتسعى لوتشيوني أيضاً إلى إنشاء نظام اعتماد للخوارزميات مشابه لبرنامج “إنرجي ستار” الذي يقيّم الأجهزة الإلكترونية بناءً على كفاءتها الطاقية. رغم التزام “مايكروسوفت” و”غوغل” بتحقيق الحياد الكربوني بحلول نهاية العقد، فإن الشركتين ما زالتا تترددان في تبادل المعلومات حول استهلاك الطاقة للأنظمة التجارية الخاصة بهما.
دعوة للتفكير النقدي:
في إطار حديثها، دعت لوتشيوني إلى مزيد من الشفافية من قبل شركات التكنولوجيا وحثت الحكومات على تعزيز الرقابة والتنظيم لحماية البيئة. وأشارت إلى أن إنتاج صورة عالية الوضوح باستخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يستهلك طاقة تعادل إعادة شحن بطارية الهاتف الخلوي إلى الحد الأقصى.
وشددت لوتشيوني على أهمية “رصانة الطاقة” في استخدام الذكاء الاصطناعي، حيث أكدت أن الهدف ليس معارضة التكنولوجيا، بل اختيار الأدوات المناسبة واستخدامها بحكمة لتقليل الأثر البيئي.