في خطوة استراتيجية تهدف إلى دعم الاستقرار الاقتصادي وتجنب التباطؤ الحاد في النمو، أعلنت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، خلال اجتماعها يوم الخميس، عن تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الرابع من عام 2026 والربع الرابع من عام 2028. وتحدد المستهدفات الجديدة عند 7% (± 2 نقطة مئوية) لعام 2026 و5% (± 2 نقطة مئوية) لعام 2028.
رؤية جديدة لاستيعاب تقلبات الأسعار
أوضحت اللجنة أن القرار يهدف إلى إتاحة مساحة أكبر لاستيعاب أي صدمات محتملة في الأسعار دون اللجوء إلى مزيد من التشديد النقدي، مما يساهم في الحفاظ على حركة النشاط الاقتصادي دون تباطؤ حاد. كما أكدت اللجنة أن هذا الإجراء يتماشى مع التوجه التدريجي للبنك المركزي نحو تبني إطار متكامل لاستهداف التضخم كأداة رئيسية في السياسة النقدية.
استقرار التضخم وتحسن المؤشرات
شهدت معدلات التضخم العام استقرارًا ملحوظًا خلال الأشهر الثلاثة الماضية، حيث تراجع المعدل السنوي إلى 25.5% في نوفمبر 2024، مدفوعًا بانخفاض أسعار المواد الغذائية الأساسية والخضروات الطازجة التي سجلت أدنى مستوى تضخم سنوي لها منذ عامين عند 24.6%.
وفي المقابل، ارتفعت الأسعار المحددة إداريًا لبعض السلع غير الغذائية، مثل الوقود والنقل البري ومنتجات التبغ، تماشيًا مع السياسات المالية التي تستهدف زيادة الإيرادات وتقليص العجز المالي. ورغم ذلك، سجل التضخم الأساسي انخفاضًا إلى 23.7% في نوفمبر مقارنة بـ24.4% في أكتوبر 2024.
توقعات مستقبلية إيجابية
تدعم المؤشرات الأخيرة والتراجع الملحوظ في معدلات التضخم الشهري التوقعات باستمرار الاتجاه النزولي للتضخم خلال الفترات القادمة. ويرجع هذا إلى تحسن توقعات التضخم واستقرار الأسعار على المدى القصير، بالإضافة إلى عودة معدلات التضخم الشهرية إلى أنماطها الاعتيادية.
التضخم العالمي وتأثيراته على الاقتصاد المحلي
على المستوى العالمي، بدأت معدلات التضخم في الاقتصادات المتقدمة والناشئة في التراجع بعد فترة طويلة من الارتفاع الحاد، ورغم ذلك لا تزال هذه المعدلات أعلى من المستهدفات المحددة سابقًا. وفي مصر، يتبع التضخم المحلي نفس النمط العالمي من التراجع، مما يمنح الاقتصاد المصري فرصة للاستفادة من الاستقرار النسبي في الأسواق الدولية.
سياسات نقدية مرنة لمواجهة التحديات
يعكس قرار البنك المركزي المصري نهجًا مرنًا في التعامل مع التحديات الاقتصادية، إذ يسعى إلى تحقيق توازن بين السيطرة على التضخم ودعم النمو الاقتصادي. ويُتوقع أن تواصل اللجنة مراقبة التطورات الاقتصادية محليًا ودوليًا، مع الاستعداد للتدخل عند الحاجة لضمان الحفاظ على الاستقرار المالي.
نحو مستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا
القرار الجديد يُعد خطوة إضافية نحو تعزيز مصداقية البنك المركزي في إدارة السياسة النقدية، إذ يوفر رؤية طويلة الأجل للأسواق والمستثمرين بشأن توقعات التضخم، ما يسهم في استقرار الأسعار وتحفيز النمو الاقتصادي.
وبينما تُظهر المؤشرات الحالية تحسنًا تدريجيًا في الأداء الاقتصادي، يظل التحدي الأكبر هو مواصلة العمل على تعزيز الثقة الاقتصادية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.