منذ منتصف نوفمبر الماضي، بات المستثمرون المصريون والدوليون يضغطون بشكل متزايد لرفع العائد على أذون الخزانة المصرية، حيث تراوحت الفائدة في العروض الحكومية بين 31% و35%، وفقًا لآجال المزادات المختلفة. في بعض العطاءات الأخيرة، وصل العائد على أذون الخزانة لأجل عام إلى 35%، بينما سجلت أذون الخزانة لمدة 91 يومًا، الأكثر طلبًا، عائدًا وصل إلى 31%. استجابت وزارة المالية المصرية لهذه المطالب جزئيًا، حيث رفعت العائد على أذون الخزانة لمدة 91 يومًا إلى 31.3% في العطاء الأخير، مما دفع قيمة الاكتتابات المقبولة إلى 60 مليار جنيه، مقابل طلبات بلغت 98.3 مليار جنيه، ما يعكس زيادة بنسبة تتجاوز 50% عن المستهدف.
وعلى الرغم من ذلك، تمسكت الوزارة بمستوى العائد على أذون الخزانة لأجل عام عند 26.24% في العطاء الأخير، حيث تم قبول اكتتابات بقيمة ملياري جنيه فقط، من إجمالي طلبات وصلت إلى 35 مليار جنيه. لكن في الوقت نفسه، شهدت السوق انخفاضًا نسبيًا في الطلب على أذون الخزانة، ما دفع الحكومة لرفع العائد، خاصة على الأذون قصيرة الأجل.
أسباب رفع العائد:
تسعير العائد على أذون الخزانة يعتمد بشكل رئيسي على العرض والطلب، وقد دفع تراجع الطلب على بعض الآجال وزارة المالية لرفع الفائدة على الأذون قصيرة الأجل لتلبية احتياجاتها من التمويل. محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق الدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، أشار إلى أن الوزارة اضطرت لتلبية الطلبات عبر رفع العائد، خاصة في الوقت الذي تزداد فيه الاستحقاقات مع نهاية العام. وأضاف أن هذه الزيادة تعد مؤقتة، حيث من المتوقع أن تنخفض الفائدة على أذون الخزانة مع بداية العام المقبل.
التحوط ضد التضخم وتقلبات العملة:
من ناحية أخرى، أرجع محللون ارتفاع الطلب على العائد المرتفع على أذون الخزانة إلى رغبة المستثمرين في التحوط ضد التضخم وارتفاع تقلبات سعر الصرف. فقد دفعت التغيرات الأخيرة في سعر الدولار المصري المستثمرين إلى طلب فائدة أعلى على أدوات الدين المحلية، في ظل توقعات بتباطؤ في وتيرة تراجع التضخم وارتفاع أسعار الدولار في العقود الآجلة. وأوضح محلل اقتصادي في أحد بنوك الاستثمار أن المستثمرين يسعون للحصول على مكاسب أكبر من استثماراتهم في ظل التغيرات الحادة في سوق العملة.
تحديات وآفاق:
وأشار مسؤول خزانة في أحد البنوك إلى أن استحقاقات أذون الخزانة، سواء أذون التسعة أشهر أو الأذون قصيرة الأجل (أجل 3 أشهر)، ساهمت في خروج بعض المستثمرين لتحقيق مكاسب من أدوات الدين، ما أدى إلى تراجع الطلب على الاكتتابات الجديدة. ومع ذلك، لم يتوقع المحللون انخفاض العائد على الأذون في الأجل القصير بشكل سريع، في ضوء تقلبات سعر الصرف واحتمالات زيادة الفائدة من قبل البنك المركزي المصري. وأوضح أن العوائد على أذون الخزانة، رغم ارتفاعها، ما زالت أقل من مستويات الفائدة البنكية، مما يدفع المستثمرين للبحث عن فرص ربح أكبر.
في المجمل، يظهر أن الزيادة في العائد على أذون الخزانة المصرية تأتي كنتيجة مباشرة لضغوط السوق والتحديات الاقتصادية التي تشهدها مصر، وعلى رأسها التضخم وتقلبات العملة. ورغم هذه التحديات، يظل المستثمرون في حالة ترقب لحركات الأسواق المحلية والعالمية خلال الفترة المقبلة، لتحديد توقيت تحركاتهم الاستثمارية.