تشهد مصر حاليًا جدلًا واسعًا بعد تداول مقاطع فيديو زعمت عبور بارجة حربية إسرائيلية لقناة السويس. في ردها على هذه الأنباء، أكدت هيئة قناة السويس أن إدارة الممر الملاحي تخضع لبنود اتفاقية القسطنطينية التي تمنح جميع دول العالم الحق في عبور السفن، بغض النظر عن جنسيتها.
اتفاقية القسطنطينية
في عام 1888، وقّعت تسع دول على اتفاقية القسطنطينية، التي تضمنت 17 مادة تُحدد قواعد مرور السفن في قناة السويس. نصت الاتفاقية على أن تكون القناة مفتوحة دائمًا لجميع السفن التجارية والحربية، دون تمييز بين الجنسيات. تاريخيًا، لم يكن لمصر دورٌ كبير في صياغة هذه الاتفاقية، حيث كانت تُمثلها الدولة العثمانية وبريطانيا، التي كانت تحتل مصر آنذاك.
تاريخ حياد قناة السويس
بموجب قرار عام 1856، أقرت مصر مبدأ الحياد في القناة، مما يعني أن جميع السفن يمكن أن تعبرها بحرية، إلا أن الأحداث التاريخية مثل الاحتلال البريطاني لمصر في 1882 قد أثرت على هذه السياسة. ومع اندلاع الحروب العالمية، تم خرق هذا الحياد بشكل متكرر، حيث منعت بريطانيا سفن أعدائها من العبور واستخدمت القناة لأغراضها العسكرية.
بعد 1948: سياسة المنع تجاه إسرائيل
بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، رفضت مصر السماح لسفن إسرائيل بالعبور عبر قناة السويس، مستندة إلى المادة العاشرة من المعاهدة التي تتيح لها اتخاذ تدابير للدفاع عن البلاد. هذا الحصار أثار احتجاجات إسرائيلية ودولية، ولكن مصر تمسكت بموقفها حتى بعد الضغوط السياسية.
أزمة التأميم عام 1956
عندما أعلن جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، كانت تلك خطوة غير متوقعة أثارت غضب القوى الغربية. على الرغم من محاولته لطمأنة المجتمع الدولي باحترام اتفاقية القسطنطينية، إلا أن التوترات استمرت مع محاولات الدول الغربية استخدام القوة لإجباره على التراجع. بعد تأميم القناة، سمحت مصر بمرور البضائع الإسرائيلية غير العسكرية، لكن تحت شروط صارمة.
ما بعد حرب أكتوبر
بعد حرب أكتوبر 1973، أُعيد فتح قناة السويس مع التأكيد على أن سفن إسرائيل ستظل محظورة من استخدامها طالما استمرت حالة الحرب. ولكن، مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، حصلت إسرائيل على الحق في استخدام القناة بدون أي قيود، وهي الحالة السارية حتى اليوم.