قال محمود طلحه عضو غرفة صناعة الدواء ورئيس مجلس إدارة شركة تراي مي فارما للأدوية ومستحضرات التجميل ان صناعة الدواء في مصر تشهد أزمة شديدة نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج وأزمة تعويم الجنيه، مما أثر سلبًا على توافر الأدوية في الأسواق. ويعود ذلك إلى عدة عوامل معقدة منها التسعير الجبري للأدوية وغياب الدعم المالي المناسب، مما جعل شركات الأدوية تواجه خسائر فادحة. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن هناك بوادر أمل تشير إلى تحسن الوضع في المستقبل القريب.
أسباب أزمة الدواء
ارتفاع تكاليف الإنتاج: أدى ارتفاع أسعار المواد الخام إلى زيادة كبيرة في تكلفة إنتاج الأدوية، وذلك بسبب تقلبات سعر الصرف وارتفاع تكاليف الاستيراد. وهذا الضغط المالي أدى إلى صعوبة في توفير الأدوية بأسعار مناسبة.
التسعير الجبري للأدوية: تُعتبر الأدوية في مصر من السلع التي تخضع للتسعير الجبري، حيث تُفرض الأسعار بشكل لا يتناسب مع تكلفة الإنتاج الفعلية. في بعض الحالات، تضطر الشركات لبيع الدواء بسعر أقل من تكلفة إنتاجه، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة. على سبيل المثال، قد تصل تكلفة إنتاج عبوة دواء إلى 200 جنيه، بينما تكون الشركة مجبرة على بيعها بسعر 100 جنيه فقط.
تأثير تعويم الجنيه: تسبب تعويم الجنيه المصري في تضاعف أسعار الخامات المستوردة، مما أدى إلى انخفاض أرباح الشركات أو تحولها إلى خسائر في بعض الحالات. هذا الوضع جعل الاستمرار في الإنتاج صعبًا للكثير من الشركات.
التعقيدات في مراحل الإنتاج: تواجه صناعة الدواء في مصر عدة مشكلات إجرائية تتعلق باستخراج التراخيص اللازمه مما يساهم في تأخير طرح الأدوية في السوق. ورغم ذلك، تجري محاولات مستمرة لحل هذه المشكلات بشكل تدريجي.
إجراءات الدولة لدعم الصناعة
رغم حدة الأزمة، بدأت الدولة باتخاذ خطوات لدعم قطاع صناعة الأدوية. من بين هذه الإجراءات:
تخفيف الرسوم الجمركية والضريبية: وعدت الحكومة بتخفيف بعض الأعباء الجمركية على المواد الخام المستخدمة في صناعة الأدوية، مما يساهم في تقليل تكلفة الإنتاج وتحسين وضع الشركات.
توسيع نطاق التأمين الصحي: في خطوة هامة، قررت الدولة ضم 8.5 مليون مواطن إضافي إلى منظومة التأمين الصحي، مع التركيز على الفئات الأكثر احتياجًا مثل المستفيدين من معاش تكافل وكرامة. ومن المتوقع أن تسهم هذه المبادرة في تقديم رعاية صحية أوسع للمجتمع.
مبادرات الكشف الطبي المجاني: بدأت الدولة بتنظيم قوافل طبية تقدم الكشف المجاني للمواطنين، وتشارك شركات الأدوية في هذه المبادرات من خلال التبرع بالأدوية. هذه الخطوة لا تسهم فقط في دعم المواطنين ولكن تساعد الشركات أيضًا على تعويض خسائرها بزيادة الإنتاج.
لماذا هناك تفاؤل؟
رغم الأزمة، هناك أسباب عدة تدعو للتفاؤل. أولًا، هناك تجاوب حقيقي من الدولة مع مطالب صناعة الدواء، حيث تم عقد اجتماعات مع ممثلي الشركات للبحث عن حلول. كما أن توسيع نطاق التأمين الصحي يساهم في تخفيف العبء عن المواطن، مما يعزز من قدرة المجتمع على تحمل تكاليف الرعاية الصحية.
كذلك، أظهر قادة غرفة صناعة الدواء، بقيادة الدكتور جمال الليثي وأعضاء مجلس الإدارة، تفانيهم في دعم الشركات والبحث عن حلول تساهم في تحسين وضع الصناعة. إن جهودهم المستمرة وتواصلهم مع الحكومة تعكس التزامهم بتحقيق التوازن بين مصلحة الصناعة ومصلحة الوطن.
ختامًا، أزمة الدواء في مصر هي أزمة معقدة ولكنها ليست مستعصية. مع تضافر الجهود بين الدولة، الشركات، والمواطنين، يمكن تجاوز هذه المرحلة والوصول إلى حلول تدعم توافر الأدوية بأسعار مناسبة للجميع. ومع استمرار التعاون والجهود المبذولة، من المتوقع أن تشهد السوق تحسنًا ملحوظًا في المستقبل القريب.