تتواصل الجهود الدولية بشكل مكثف لتوفير الغذاء والمساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة، في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يمر بها القطاع بعد عام ونصف من القصف الإسرائيلي المكثف. فقد أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عن مساعيه للوصول إلى مليون شخص في القطاع مع إعادة فتح المعابر بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه منذ يوم الأحد الماضي.
وأكد كارل سكاو، نائب المدير التنفيذي للبرنامج، في تصريحات لوكالة “فرانس برس” أنه “نحاول الوصول إلى أكبر عدد ممكن من سكان القطاع، ونحن نعمل على دخول شاحنات المساعدات بشكل متسارع، بما يشمل الدقيق، الوجبات الجاهزة، وإعادة تأهيل المخابز التي تضررت بسبب القصف”. كما أوضح أن البرنامج يخطط لتوفير مكملات غذائية للأطفال الأكثر تضرراً من سوء التغذية، في وقتٍ تزداد فيه الحاجة الماسة لتوفير الخبز الذي يعتبر من الأساسيات بالنسبة للعديد من الأسر الفلسطينية.
القطاع شهد تدميراً واسعاً للبنية التحتية بما فيها منشآت إنتاج الغذاء، وهذا ما دفع برنامج الأغذية العالمي لتكثيف جهوده لتلبية احتياجات المواطنين. وأكد سكاو أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه ينص على إدخال 600 شاحنة يومياً، وهو ما سيؤدي إلى زيادة المساعدات الإنسانية بشكل تدريجي، بما في ذلك المواد الغذائية والسلع الأساسية الأخرى. ويشمل المخطط إرسال 150 شاحنة يومياً لمدة 20 يوماً على الأقل، مع إمكانية زيادتها في المستقبل القريب.
من جهة أخرى، أكدت منظمة الصحة العالمية استعدادها لتوسيع مساعداتها إلى غزة، ولكن بشرط ضمان الوصول الآمن إلى جميع أنحاء القطاع. حيث أبدت المنظمة قلقها الشديد إزاء تدمير معظم المنشآت الصحية، مشيرة إلى أن البنى التحتية الصحية قد تعرضت لدمار كبير أو أضرار جسيمة. كما أوضحت المنظمة أن هناك تحديات صحية هائلة، وأكدت أن “الوصول المنتظم إلى سكان غزة يتطلب إزالة كافة العقبات الأمنية التي تعيق العمليات الإنسانية والطبية”.
وأشارت المنظمة إلى أن النظام الصحي في القطاع يعاني من انهيار شبه كامل، حيث لا يعمل سوى نصف المستشفيات المتواجدة هناك، و38% فقط من مراكز الرعاية الصحية الأولية ما زالت قيد الخدمة. كما يعاني نحو 30 ألف شخص من إصابات تتطلب رعاية طبية مستمرة. وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن الحاجة لإعادة تأهيل النظام الصحي في غزة تبلغ أكثر من 10 مليارات دولار، مع التأكيد على أن الوضع الحالي يهدد بزيادة انتشار الأمراض المعدية.
المنظمة لفتت أيضاً إلى أن نحو 12 ألف شخص يحتاجون إلى إجلاء فوري لتلقي العلاج في الخارج، في وقت يعاني فيه الكثير من الجرحى من صعوبة في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة بسبب ضعف الإمكانيات وقلة المستشفيات التي يمكنها استقبال الحالات الحرجة.
وقد أضافت المنظمة أن الانهيار المستمر للنظام العام في غزة بسبب تفشي العصابات المسلحة يمثل تهديداً آخر يُعيق وصول المساعدات الأساسية إلى السكان، مما يعقد جهود الإغاثة في المنطقة. ورغم هذه التحديات، تبقى الأنظار متوجهة إلى كيفية تسريع وتيرة المساعدات الإنسانية والطبية، في وقت يحتاج فيه سكان القطاع إلى كل دعم ممكن لمواجهة الأزمات المتعددة التي يعيشون فيها.
في النهاية، تواصل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية جهودها لرفع المعاناة عن سكان غزة، وسط أمل في استمرار وقف إطلاق النار وتوفير الظروف اللازمة لإيصال المساعدات من مختلف أنحاء العالم.